responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإمامة والسياسة - ت الزيني نویسنده : الدِّينَوري، ابن قتيبة    جلد : 1  صفحه : 134


ثم يزول ما كان منها ، كما يزول السراب ، فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فبايعته ، ونهضت معه في تلك الأحداث ، حتى زهق الباطل ، وكانت كلمة الله هي العليا ، وأن يرغم الكافرون ، فتولى أبو بكر رضي الله عنه تلك الأمور فيسر ، وسدد ، وقارب ، واقتصد ، فصحبته مناصحا ، وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهدا ، فلما احتضر بعث إلى عمر ، فولاه ، فسمعنا وأطعنا ، وبايعنا وناصحنا ، فتولى تلك الأمور ، فكان مرضي السيرة ، ميمون النقيبة [1] أيام حياته ، فلما احتضر قلت في نفسي : ليس يصرف هذا الأمر عني . فجعلها عمر شورى وجعلني سادس ستة ، فما كانوا لولاية أحد منهم بأكره منهم لولايتي ، لأنهم كانوا يسمعونني وأنا أحاج أبا بكر فأقول :
يا معشر قريش ، أنا أحق بهذا الأمر منكم ما كان منا من يقرأ القرآن ، ويعرف السنة ، فخشوا إن وليت عليهم أن لا يكون لهم في هذا الأمر نصيب ، فبايعوا إجماع رجل واحد ، حتى صرفوا الأمر عني لعثمان ، فأخرجوني منها ، رجاء أن يتداولوها . حين يئسوا أن ينالوها ، ثم قالوا لي : هلم فبايع عثمان ، وإلا جاهدناك . فبايعت مستكرها . وصبرت محتسبا ، وقال قائلهم :
إنك يا ابن أبي طالب على الأمر لحريص ، قلت لهم : أنتم أحرص . أما أنا إذ طلبت ميراث ابن أبي وحقه ، وأنتم إذ دخلتم بيني وبينه ، وتضربون وجهي دونه ، اللهم إني أستعين بك على قريش ، وأنهم قطعوا رحمي ، وصغروا عظيم منزلتي وفضلي ، واجتمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به منهم فسلبونيه ، ثم قالوا : اصبر كمدا ، وعش متأسفا ، فنظرت فإذا ليس معي رفاق ولا مساعد إلا أهل بيتي ، فضننت بهم على الهلاك ، فأغضيت عيني على القذى ، وتجرعت رفيق على الشجا ( 1 ) . وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم طعما ، وآلم للقلب من حز الحديد ، حتى إذا نقمتم على عثمان أتيتموه فقتلتموه ، ثم جئتموني تبايعونني ، فأبيت عليكم ، وأبيتم علي ، فنازعتموني ودافعتموني ، ولم أمد يدي ، تمنعا عنكم ، ثم ازدحتم علي ، حتى ظننت أن بعضكم قاتل بعض ، وأنكم قاتلي ، وقلتم : لا نجد غيرك ، ولا نرضى إلا بك ، فبايعنا لا نفترق ولا نختلف ، فبايعتكم ودعوتم الناس إلى بيعتي ، فمن بايع طائعا قبلت منه ، ومن أبى تركته ، فأول من بايعني طلحة والزبير ، ولو أبيا ما أكرهتهما ، كما لم أكره غيرهما ، فما لبثا إلا يسيرا حتى قيل لي : قد خرجا متوجهين إلى البصرة في جيش ، ما منهم رجل إلا وقد أعطاني الطاعة ، وسمح لي بالبيعة ، فقاموا على عمالي بالبصرة وخزائن بيوت أموالي ، وعلى أهل مصري ، وكلهم في طاعتي ، وعلى شيعتي ، فشتتوا كلمتهم ، وأفسدوا علي جماعتهم ، ثم وثبوا



[1] النقيبة : العقل والمشورة ونفاذ الرأي . ( 2 ) الشجا : العظمة أو الشوكة في الحلق .

نام کتاب : الإمامة والسياسة - ت الزيني نویسنده : الدِّينَوري، ابن قتيبة    جلد : 1  صفحه : 134
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست