نام کتاب : الإمامة والسياسة - ت الشيري نویسنده : الدِّينَوري، ابن قتيبة جلد : 2 صفحه : 122
على الآخرة كالغائب يقدم على أهله من سفر بعيد . وأما قدوم المسئ فكالعبد الآبق [1] ، يؤخذ فيشد كتافه ، فيؤتى به إلى سيد فظ غليظ ، فإن شاء عفا ، وإن شاء عذب . فبكى سليمان بكاء شديدا ، وبكى من حوله . ثم قال : ليت شعري ما لنا عند الله يا أبا حازم ؟ فقال : اعرض نفسك على كتاب الله ، فإنك تعلم ما لك عند الله . قال سليمان : يا أبا حازم ، وأين أصيب تلك المعرفة في كتاب الله ، قال عند قوله تعالى : ( إن الأبرار لفي نعيم ، وإن الفجار لفي جحيم ) [ الانفطار : 14 ] . قال سليمان : يا أبا حازم ، فأين رحمة الله ؟ قال : رحمة الله قريب من المحسنين ، قال سليمان : يا أبا حازم من أعقل الناس ؟ قال أبو حازم : أعقل الناس من تعلم العلم والحكمة وعلمهما الناس . قال سليمان : فمن أحمق الناس ؟ فقال : من حط في هوى رجل وهو ظالم ، فباع آخرته بدنيا غيره . قال سليمان : فما سمع الدعاء ؟ قال أبو حازم : دعاء المخبتين [2] الخائفين . فقال سليمان : فما أزكى الصدقة عند الله ؟ قال : جهد المقل [3] . قال : فما تقول فيما ابتلينا به ؟ قال : أعفنا عن هذا وعن الكلام فيه أصلحك الله ، قال سليمان : نصيحة تلقيها [ إلي ] . فقال : ما أقول [4] في سلطان استولى عنوة بلا مشورة من المؤمنين ، ولا اجتماع من المسلمين ؟ فسفكت فيه الدماء الحرام ، وقطعت به الأرحام ، وعطلت به الحدود ، ونكثت به العهود ، وكل ذلك على تنفيذ الطينة [5] ، والجمع لمتاع الدنيا المشينة ، ثم لم يلبثوا أن ارتحلوا عنها ، فيا ليت شعري ما تقولون ؟ وماذا يقال لكم ؟ فقال بعض جلسائه : بئس ما قلت يا أقور ، أمير المؤمنين يستقبل بهذا ؟ فقال أبو حازم : اسكت يا كاذب ، فإنما أهلك فرعون هامان ، وهامان فرعون ، إن الله قد أخذ على العلماء ليبيننه للناس ولا يكتمونه ، أي لا ينبذونه وراء ظهورهم . قال سليمان : يا أبا حازم كيف لنا أن نصلح ما فسد منا ؟ فقال : المأخذ في ذلك قريب يسير يا أمير المؤمنين ، فاستوى سليمان جالسا من اتكائه . فقال : كيف ذلك ؟ فقال : تأخذ المال من حله ، وتضعه في أهله ، وتكف الأكف عما نهيت ، وتمضيها فيما أمرت به . قال سليمان : ومن
[1] الآبق : الهارب من سيده . [2] في حيلة الأولياء 3 / 235 : قال : دعاء المحسن للمحسنين . [3] زيد في حلية الأولياء : جهد المقل إلى يد البائس الفقير لا يتبعها من ولا أذى . [4] في حلية الأولياء : قال : إن آباءك غصبوا الناس هذا الأمر فأخذوه عنوة . . [5] يريد : الطبيعة الإنسانية التي جبلت بالأنانية وحب السيطرة والسلطة .
نام کتاب : الإمامة والسياسة - ت الشيري نویسنده : الدِّينَوري، ابن قتيبة جلد : 2 صفحه : 122