والحق ، ان
الاسم في هذه المواضع المذكورة له معنى ، فقوله : اسم السّلام ، أي : لفظه الدال
عليه وكلمته ، يعني : سلام عليكم ، واسم الماء واسم الشّيب ، أي : صوت الماء ،
وصوت الشيب ، إذ الاسم هو اللفظ والصوت ، والمسمّى هو مدلول اللفظ والصوت ؛
والدليل على أن زيادة الاسم في مثله للتنصيص على أن المراد هو اللفظ ، لا المدلول
، أنهم لا يقولون : جاءني اسم زيد ، بزيادة «اسم» ، بل لا يكون لفظ «اسم» المحكوم
بزيادته ، إلا مع ما يتعلق باللفظ ، نحو : تداعين ، ويناديه ؛
فاسم السّلام ،
من باب : عين زيد ، لأن السّلام : لفظ ، وكذا اسم الماء ، واسم الشّيب ، أي صوت
الماء ، وصوت الشيب ، فإن الماء والشيب صوتان [٢] ؛ وأمّا قوله : مقام الذئب ، فهو من باب الكنايات ،
تقول : مكانك مني بعيد ، أي أنت مني بعيد ، لأن من بعد مكانه فقد بعد هو ، وإذا
بعّدت الذئب فقد بعّدت مكانه الذي هو فيه ؛
والمختلف[٣] في جواز إضافة أحدهما إلى الآخر : الموصوف وصفته ،
فالكوفيون جوّزوا إضافة الموصوف إلى صفته ، وبالعكس ، استشهادا للأول بنحو : مسجد
الجامع ، وجانب الغربي [٤] ، وللثاني بنحو : جرد قطيفة وأخلاق ثياب ، وقالوا : إن
الإضافة فيه لتخفيف المضاف بحذف التنوين ، كما في جرد قطيفة ، أو بحذف اللام ،
كمسجد الجامع ،
[١] من قصيدة للشماخ
بن ضرار في مدح عرابة الأوسيّ ، وهي التي يقول فيها :
إذا ما راية رفعت لمجد
تلقّاها عرابة باليمين
ومنها قوله يخاطب راحلته ،
إذا بلّغتني وحملت رحلي
عرابة فاشرقي بدم الوتين
وقد عيب عليه قوله هذا ، وأنه أساء
جزاءها حيث يدعو عليها بأن تذبح وتشرق بدمها الذي يسيل منها ، بعد أن أوصلته إلى
غايته ،