واعلم أن أصل «الّا»
، أن تدخل على الاسم ، وقد يليها في المفرّغ فعل مضارع ، إمّا خبر لمبتدأ ، كقولك
: ما الناس الا يعبرون ، وما زيد إلا يقوم ؛ أو حال ، نحو : ما جاءني زيد إلا يضحك
؛ أو صفة ، نحو : ما جاءني منهم رجل إلّا يقوم ويقعد ؛ ويجوز أن يكون هذا حالا
لعموم ذي الحال [١] ؛
وإنما شرط
التفريغ ، لتكون «الّا» ملغاة عن العمل على قول [٢] ، أو عن التوصل بها إلى العمل على قول آخر ، فيسهل دفعها
عما تقتضيه من الإسم ، لانكسار شوكتها بالإلغاء ، وشرط كونه مضارعا لمشابهته للاسم
؛ وأمّا الماضي ، فجوّزوا أن يليها في المفرغ بأحد قيدين ، وذلك إمّا باقترانه بقد
، نحو : ما الناس إلا قد عبروا ، وذلك لتقريبها له من الحال [٣] ، المشبه للاسم ؛ وإمّا تقدم ماض منفي ، نحو : قولهم :
ما أنعمت عليه إلا شكر ، وما أتيته إلا أتاني ، وعنه عليه الصلاة والسّلام : «ما
أيس الشيطان من بني آدم إلا أتاهم من قبل النساء» ، وذلك إذا قصد لزوم تعقّب مضمون
ما بعد «إلا» ، لمضمون ما قبلها ؛
وإنما جاز أن
يليها الماضي مع هذا القصد ، لأنّ هذا المعنى هو معنى الشرط والجزاء ، في الأغلب ،
نحو : إن جئتني أكرمتك ، وإنما قلت في الأغلب لأنه قد لا يكون [٤] مضمون الجزاء متعقبا لمضمون الشرط ، بل يكون مقارنا له
في الزمان ، نحو : إن كان هناك نار كان احتراق ، وإن كان هناك احتراق فهناك نار ،
وإن كان الإنسان ناطقا فالحمار ناهق ، لكن التعقب المذكور هو الأغلب ؛