إنّ ترك تنوينه
لا يدلّ على علميّته ، لأنه لأجل إبقائه على صورة المضاف لمّا غلب استعماله مضافا
، كما يجيئ في بيان «سوى» ويجوز أن نقول ان «حاشا» الجارة حرف ، وهي في نحو : حاشا
لله ، اسم بني لمشابهته لفظا ومعنى لحاشا الحرقية ؛
واستدل المبرد
على فعليته بتصريفه ، نحو : حاشيت زيدا أحاشيه ، قال النابغة :
وليس بقاطع ،
لأنه يجوز أن يكون مشتقا من لفظ «حاشا» حرفا أو اسما ، كقولهم : لو ليت أي قلت لو
لا ، ولا ليت ، أي قلت : لا ، لا ؛ وسبّحت ، أي قلت سبحان الله ، ولبّيت أي قلت
لبّيك ، وهذا هو الظاهر ؛ لأن المشتق الذي هذا حاله ، بمعنى قول تلك اللفظة التي
اشتق منها ، فالتسبيح : قول سبحان الله ، والتسليم : قول سلام عليك ، والبسملة : قول
بسم الله ، وكذا غيره ؛ ومعنى حاشيت زيدا ، قلت : حاشا زيد ، واستدلاله على فعليته
بالتصرف فيه ، والحذف نحو : (حاش الله)[٣] ليس بقويّ ، لأن الحرف الكثير الاستعمال قد يحذف منه ، نحو : سو أفعل ، في
: سوف أفعل ؛
وكثر فيها :
حاش ، وقلّ : حشا ، لأن الحذف في الأطراف أكثر ، وإذا استعمل «حاشا» في الاستثناء
وفي غيره ، فمعناه تنزيه الاسم الذي بعده من سوء ذكر في غيره أو فيه ، فلا يستثنى
به إلا في هذا المعنى ؛ وربّما أرادوا تنزيه شخص من سوء ، فيبتدئون بتنزيه الله
سبحانه وتعالى من السوء ، ثم يبرّئون من أرادوا تبرئته ، على معنى أن الله تعالى
[١] من قصيدة الأعشى
في تفضيل عامر بن الطفيل على علقمة بن علاثة ، الصحابي ، وروي أن النبي صلّى الله
عليه وسلم نهى عن روايتها لما تضمنته من هجاء مقذع لعلقمة ، قال البغدادي بعد أن
روى الحديث وأورد أبياتا من القصيدة : ولهذا لم أذكرها كلها ،
[٢] من قصيدته التي
تعد إحدى المعلقات ، والتي أولها :
يا دارمية بالعلياء فالسند
أقوت وطال عليها سالف الأمد
والمقصود من قوله يشبهه : النعمان بن
المنذر ، وهو يعتذر إليه في هذه القصيدة ؛