ضربت ما ضربت إلا اياي ، وإياك نعبد : ما نعبد إلا اياك.
وإنما وجب
الحذف في الأول والثاني لأن القصد ، كما قلنا في النداء ، أن يفرغ المتكلم سريعا
من لفظ التحذير حتى يأخذ المخاطب حذره من ذلك المحذور ، وذلك لأنه لا يستعمل هذه
الألفاظ إلا إذا شارف المكروه أن يرهق ، وهو المعطوف في اياك والأسد ، والمكرر.
وإنما وجب حذف
العامل في نحو : اياك والأسد ، لأنه في معنى المكرر الذي ذكرنا أنه يجب حذف عامله
، لأن معنى : اياك : بعدّ نفسك من الأسد ، وفحوى هذا الكلام : احذر الأسد ، ومعنى
: الأسد الأسد ، أي بعّد الأسد عن نفسك وهو أيضا بمعنى : احذر الأسد ، لأن تبعيد
الأسد عن نفسك بأن تتباعد عنه ، فكأنك قلت الأسد الأسد.
فإن قلت :
المعطوف في حكم المعطوف عليه ، وإياك محذّر والأسد محذّر منه وهما متخالفان فكيف
جاز العطف.
فالجواب : أنه
لا يجب مشاركة الاسم المعطوف للمعطوف عليه إلا في الجهة التي انتسب بها المعطوف
عليه إلى عامله ، وجهة انتساب «اياك» إلى عامله ، كونه مفعولا به ، أي مبعدا ،
وكذا الأسد مبعد ، إذ المعنى : إياك بعّد وبعّد الأسد.
* * *
دخول من
في التحذير
قال
ابن الحاجب :
«وتقول إياك من
الأسد ومن أن تحذف ، وإياك أن تحذف»
«بتقدير «من»
ولا تقول : إياك الأسد لامتناع تقدير من».
قال
الرضى :
إذا جاء
المحذّر منه بعد المحذّر فاما أن يكون مع «أن» أو لا معهما ؛ فالذي يغير