في جاءني رجل طويل ، موجد لمعناه أي الطول في موصوفه ، حتى صار الموصوف
متضمنا له.
وذلك أن معنى
طويل : ذو طول ، فهو دال على معنيين أحدهما قائم بالآخر ، إذ الطول قائم بذو ،
فمعناه : الطول وصاحبه ، لا مجرد الطول الذي في «رجل» وإنما ذكر الموصوف قبله
ليعيّن ذلك الصاحب الذي دل عليه طويل ، وقام به الطول لا ليقوم به الطول.
واما قولهم :
النعت دال على معنى في متبوعه فلكون المتبوع معينا لذلك الذي قام به المعنى ومخصصا
له وكونه اياه ، بل المصدر في قولك : ضرب زيد مفيد لمعنى في لفظ غيره ، أعني
ضاربيّة زيد ، لكنهم احترزوا عن مثله بقولهم «دلّ» ، أي دل بالوضع ، ولم يوضع
المصدر ليفيد في لفظ غيره معنى ، إذ يصح أن يقال : الضرب شديد ، ولا يذكر الضارب ،
ولا يخرج بذلك عن الوضع ؛
ويصح أن يعترض
عليه [١] بالأفعال ، فإن «ضرب» وضع ليدل على ضاربيّة ما ارتفع به ، ولا يندفع هذا
الاعتراض إلا بما قال بعضهم : الحرف ما لا يدل إلا على معنى في غيره ، فإن «ضرب»
مفيد في نفسه الإخبار عن وقوع ضرب ، وفي فاعله عن ضاربيته ، بخلاف «من» فإنه لا
يفيد إلا معنى الابتداء في غيره.
قوله «غير
مقترن» صفة بعد صفة لقوله «معنى» ؛ ويتبيّن معنى قوله «غير مقترن» ببيان قوله في
حدّ الفعل «هو ما دل على معنى في نفسه مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة» أي على معنى
واقع في أحد الأزمنة الثلاثة معيّنا ، بحيث يكون ذلك الزمان المعيّن أيضا مدلول
اللفظ الدال على ذلك المعنى بوضعه له أوّلا ، فيكون الظرف والمظروف مدلول لفظ واحد
بالوضع الأصلي ، فيخرج عن حد الفعل نحو الضرب والقتل ، وإن وجب وقوعه في أحد
الأزمنة الثلاثة معيّنا في نفس الأمر ، لأن ذلك المعيّن لا يدل عليه لفظ المصدر.
[١] أي على حد الحرف
وهو قولهم ما دل على معنى في غيره.