بسط الأمر الذي جر ذكره. السابعة: أن يسمع المحدث بعض الحديث و يفوته سماع بعضه الآخر. الثامنة: نقل الحديث من الصحف دون المشايخ" (ثم بسط القول في هذه العلل)(1). و لما حرم نشر الحديث و درسه و ذكره ازداد الطين بلة لأنه إذا ترك الحديث و لم يذكر و تركت مدارسته و مذاكرته ازداد السهو و النسيان و الغفلة و الخطأ و هذا أمر طبيعي واضح لا مرية فيه لا سيما إذا طالت المدة عشرات السنين.
الله يعلم ما ذا حل بأحاديث رسول الله ((صلى الله عليه و آله)) من هذه الناحية و لذا قال أبو رية و لنعم ما قال(2):" و لما وصلت دراستي إلى كتب الحديث المعتمدة لدى الجمهور ألفيت فيها من الأحاديث ما يبعد أن يكون- في الفاظه أو معانيه أو أسلوبه- من محكم قوله و بارع منطقه (صلوات الله عليه)، و مما راعني أني أجد في معاني كثير من الأحاديث: ما لا يقبله عقل صريح و لا يثبته علم صحيح و لا يؤيده حس ظاهر أو كتاب متواتر، و وجدت مثل ذلك في كثير من الأحاديث التي شحنت بها كتب التفسير و التاريخ و غيرها، و مما كان يثير عجبي أني إذا قرأت كلمة لأجلاف العرب أهتز لبلاغتها و تعروني أريحية من جزالتها، و إذا قرأت أكثر ما ينسب إلى النبي من قول لا أجد له هذه الأريحية و لا ذلك الاعتزاز، و كنت أعجب كيف يصدر عنه ((صلى الله عليه و سلم)) مثل هذا الكلام المغسول عن البلاغة و العاري من الفصاحة و هو أبلغ من نطق بالضاد، أو تأتي منه مثل هذه المعاني السقيمة و هو أحكم من دعا إلى رشاد، و ما كان هذا العجب إلا لأني كنت أسمع من شيوخ الدين عفى الله عنهم أن الأحاديث التي تحملها كتب السنة قد جاءت كلها على حقيقتها بألفاظها و معانيها و أن على المسلمين أن يسلموا بكل ما حملت و لو كان فيها ما فيها....