و إن قالوا: إن البسملة نزلت في جميع السور، و لكن رسول الله ((صلى الله عليه و آله)) لم يفتتح كتبه بها إلا بعد أن نزلت طس لما مر آنفا فلسائل أن يسائلهم و يقول:
لم بدل رسول الله ((صلى الله عليه و آله)) باسمك اللهم و كتب:" بسم الله" بعد نزول سورة هود بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها؟ و لم كتب بسم الله الرحمن بعد نزول الاسراء و لم تنزل سورة طس بعد على ما نقلوه؟ و هل هذا إلا الاستنان بما نزل عليه من الله سبحانه، مع أن البسملة نزلت قبل ذلك كله فلم يستن بها.
و لست أدري وجها لهذه المنقولات المذكورة إلا أن تكون سهوا من أقلامهم.
و الذي يتضح للمتدبر المنصف هو أن رسول الله ((صلى الله عليه و آله)) كان مستنا بسنة الله تعالى في افتتاح جميع أموره و كتبه و مراسلاته بالبسملة فحسب(1). و أما ما نقل عنه ((صلى الله عليه و آله)) من الكتب و ليس فيها البسملة فمن آفات الرواة و تلخيص الناقلين و عدم اهتمامهم ببعض الأمور.
و أما ما أخرجه السيوطي من كتابه ((صلى الله عليه و آله)) لأهل نجران فسيأتي الكلام عليه في ذكر وفد نجران، مع أن المنقول في جمهرة رسائل العرب 76: 1 عن صبح الأعشى 6:
38 و 381 هكذا:" بسم الله الرحمن الرحيم إله إبراهيم..." الخ و أضف إلى ما ذكرنا ما سيأتي من أن رسول الله ((صلى الله عليه و آله)) كتب للداريين بمكة سنة خمس أو ست من البعثة أو قبلها و فيه: بسم الله الرحمن الرحيم.
لفت نظر:
نقل عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص أنها قالت: أبي أول من كتب
(1) قال الكتاني في التراتيب الادارية 140: 1:" المقرر في السير أنه ((عليه السلام)) كان يفتتح مكاتبه كلها من عقد أو صلح و نحوه بالبسملة و هي مشروعة في الإسلام في ابتداء الأمور من قول أو فعل تبركا و استنجاحا"...