فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَ لَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ، وَ لَكِنَّهُ الَّذِي فِي بَيْتِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْحَرَامِ هَبَطَ بِهِ جَبْرَئِيلُ إِلَى الْأَرْضِ وَ هُوَ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ الثَّلْجِ، فَاسْوَدَّ مِنْ خَطَايَا بَنِي آدَمَ فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ: صَدَقْتَ وَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنِّي لَأَجِدُهَا فِي كِتَابِ أَبِي هَارُونَ وَ إِمْلَاءِ مُوسَى، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: وَ بَقِيَتْ وَاحِدَةٌ! وَ هِيَ أَخْبِرْنِي عَنْ وَصِيِّ مُحَمَّدٍ كَمْ يَعِيشُ وَ هَلْ يَمُوتُ أَوْ يُقْتَلُ؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: يَا يَهُودِيُّ وَصِيُّ مُحَمَّدٍ أَنَا أَعِيشُ بَعْدَهُ ثَلَاثِينَ سَنَةً لَا أَزِيدُ يَوْماً وَاحِداً وَ لَا أَنْقُصُ يَوْماً وَاحِداً، ثُمَّ يَنْبَعِثُ أَشْقَاهَا شَقِيقُ عَاقِرِ نَاقَةِ ثَمُودَ، فَيَضْرِبُنِي ضَرْبَةً هَاهُنَا فِي قَرْنِي، فَيُخْضَبُ لِحْيَتِي، قَالَ: وَ بَكَى عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بُكَاءً شَدِيداً؛ قَالَ: فَصَاحَ الْيَهُودِيُّ وَ أَقْبَلَ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، وَ أَشْهَدُ يَا عَلِيُّ أَنَّكَ وَصِيُّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ أَنَّهُ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَفُوقَ وَ لَا تُفَاقَ وَ أَنْ تُعَظَّمَ وَ لَا تُسْتَضْعَفَ، وَ أَنْ تُقَدَّمَ وَ لَا يُتَقَدَّمَ عَلَيْكَ، وَ أَنْ تُطَاعَ فَلَا تُعْصَى وَ أَنَّكَ لَأَحَقُّ بِهَذَا الْمَجْلِسِ مِنْ غَيْرِكَ، وَ أَمَّا أَنْتَ يَا عُمَرُ فَلَا صَلَّيْتُ خَلْفَكَ أَبَداً فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: كُفَّ يَا هَارُونِيُّ مِنْ صَوْتِكَ، ثُمَّ أَخْرَجَ الْهَارُونِيُّ مِنْ كُمِّهِ كِتَاباً مَكْتُوباً بِالْعِبْرَانِيَّةِ، فَأَعْطَاهُ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ فَنَظَرَ فِيهِ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَبَكَى، فَقَالَ لَهُ الْهَارُونِيُّ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا هَارُونِيُّ: هَذَا فِيهِ اسْمِي مَكْتُوباً، فَقَالَ لَهُ: يَا عَلِيُّ! اقْرَأْ اسْمَكَ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ هُوَ مَكْتُوبٌ فَإِنَّهُ كِتَابٌ بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَ أَنْتَ رَجُلٌ عَرَبِيٌّ؟! فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَيْحَكَ يَا هَارُونِيُّ! هَذَا اسْمِي أَمَّا فِي التَّوْرَاةِ اسْمِي هَابِيلُ وَ فِي الْإِنْجِيلِ حَيْدَارُ فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ: صَدَقْتَ وَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، إِنَّهُ لَخَطُّ أَبِي هَارُونَ وَ إِمْلَاءُ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ تَوَارَثَتْهُ الْآبَاءُ حَتَّى صَارَ إِلَيَّ، قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلِيٌّ يَبْكِي وَ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْنِي عِنْدَهُ مَنْسِيّاً الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَثْبَتَنِي فى صُحُفِ الْأَبْرَارِ، ثُمَّ أَخَذَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِيَدِ الرَّجُلِ فَمَضَى إِلَى مَنْزِلِهِ، فَعَلَّمَهُ مَعَالِمَ الْخَيْرِ وَ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ..
(قال و ما روته ام سليم صاحبة الحصاة