أَقُولُ: وَ الْحَدِيثُ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي رَافِعٍ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه و آله و سلم) وَ لِأَجْلِ إِغْنَاءِ هَذَا السِّفْرِ الْجَلِيلِ عَنْ غَيْرِهِ رَأَيْنَا أَنْ نَذْكُرَ حَدِيثَ أَبِي رَافِعٍ فِي تَعْلِيقِهِ بِرِوَايَةِ الثِّقَةِ الْجَلِيلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَرْوَانَ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الْمَاهْيَارِ عَلَى مَا رَوَاهُ عَنْهُ السَّيِّدُ ابْنُ طَاوُسٍ فِي كِتَابِ الطَّرَائِفِ ص 96 ط 1، قَالَ:
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَرْوَانَ: [وَ] عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الرَّاشِدِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ: عَنْ جَدِّهِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه و آله) وَ هُوَ نَائِمٌ- أَوْ يُوحَى إِلَيْهِ- فَإِذَا حَيَّةٌ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ فَكَرِهْتُ أَنْ أَقْتُلَهَا فَأُوقِظَهُ وَ ظَنَنْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَاضْطَجَعْتُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْحَيَّةِ لَئِنْ كَانَ مِنْهَا سُوءٌ يَكُونُ إِلَيَّ دُونَهُ- قَالَ:- فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه و آله) وَ هُوَ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ: (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ) ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَكْمَلَ لِعَلِيٍّ نِعَمَهُ وَ هَنِيئاً لِعَلِيٍّ بِتَفْضِيلِ اللَّهِ [إِيَّاهُ].
قَالَ: ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: مَا يُضْجِعُكَ هَاهُنَا فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ فَقَالَ لِي: قُمْ إِلَيْهَا فَاقْتُلْهَا.
قَالَ: فَقَتَلْتُهَا ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه و آله) بِيَدِي فَقَالَ: يَا أَبَا رَافِعٍ لِيَكُونَنَّ عَلِيٌّ مِنْكَ بِمَنْزِلَتِي غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي إِنَّهُ سَيُقَاتِلُهُ قَوْمٌ يَكُونُ حَقّاً فِي اللَّهِ جِهَادُهُمْ فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ جِهَادَهُمْ بِيَدِهِ فَجَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ بِلِسَانِهِ فَجَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَ هُوَ عَلَى الْحَقِّ وَ هُمْ عَلَى الْبَاطِلِ.
قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ وَ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَمِينِي فَهَذَا أَمِينِي يَعْنِي أَبَا رَافِعٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: فَلَمَّا بُويِعَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) وَ سَارَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَيْرُ إِلَى الْبَصْرَةِ وَ خَالَفَهُ مُعَاوِيَةُ وَ أَهْلُ الشَّامِ قَالَ أَبُو رَافِعٍ: هَذَا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه و آله): إِنَّهُ سَيُقَاتِلُ عَلِيّاً قَوْمٌ يَكُونُ حَقّاً فِي اللَّهِ جِهَادُهُمْ فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ جِهَادَهُمْ بِيَدِهِ فَبِلِسَانِهِ، وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ بِلِسَانِهِ فَبِقَلْبِهِ لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ شَيْءٌ.
فَبَاعَ أَبُو رَافِعٍ دَارَهُ وَ أَرْضَهُ بِخَيْبَرَ ثُمَّ خَرَجَ مَعَ عَلِيٍّ بِقَبِيلَتِهِ وَ عِيَالِهِ وَ هُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ ابْنُ خَمْسٍ وَ ثَمَانِينَ سَنَةً.
ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ لَقَدْ أَصْبَحْتُ وَ مَا أَعْلَمُ أَحَداً بِمَنْزِلَتِي لَقَدْ بَايَعْتُ الْبَيْعَتَيْنِ بَيْعَةَ الْعَقَبَةِ وَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، وَ لَقَدْ صَلَّيْتُ الْقِبْلَتَيْنِ وَ هَاجَرْتُ الْهِجَرَ الثَّلَاثَ.
فَقِيلَ لَهُ: مَا الْهِجَرُ الثَّلَاثُ قَالَ: هِجْرَةٌ مَعَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى أَرْضِ النَّجَاشِيِّ إِذْ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَ هِجْرَةٌ إِلَى الْمَدِينَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه و آله) وَ هَذِهِ هِجْرَةٌ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) إِلَى الْكُوفَةِ.
ثُمَّ لَمْ يَزَلْ [كَانَ أَبُو رَافِعٍ] مَعَهُ حَتَّى اسْتُشْهِدَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) وَ رَجَعَ أَبُو رَافِعٍ مَعَ الْحَسَنِ (عليه السلام) إِلَى الْمَدِينَةِ وَ لَا دَارَ لَهُ وَ لَا أَرْضَ فَقَسَمَ لَهُ الْحَسَنُ (عليه السلام) دَارَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ نِصْفَيْنِ وَ أَعْطَاهُ بِ «يَنْبُعَ» أَرْضاً أَقْطَعَهَا إِيَّاهُ فَبَاعَهَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ بَعْدَ [هُ] مِنْ مُعَاوِيَةَ بِمِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَ سِتِّينَ أَلْفاً.