لقد ابتدا الاخطل هجاءه للانصار بذم اليهود وقرن بينهم وبين الانصار لانهم يساكنونهم في يثرب، وقد عاب على الانصار بانهم اهل زرع وفلاحة وانهم ليسوا أهل مجد ولا مكارم واتهمهم بالجبن عند اللقاء، ونسب الشرف والمجد الى القرشيين واللؤم كله تحت عمائهم الانصار، وقد أثار هذا الهجاء المر حفيظة النعمان بن بشير الذي هو احد عملاء الامويين، فانبرى غضبانا الى معاوية فلما مثل عنده حسر عمامته عن راسه وقال: " يا معاوية أترى لؤما ؟. " " لا بل ارى خيرا وكرما، فما ذاك ؟ ! ! " " زعم الاخطل أن اللؤم تحت عمائمنا ! ! " واندفع النعمان يستجلب عطف معاوية قائلا معاوي الا تعطنا الحق تعترف * لحق الازد مسدولا عليها العمائم أيشتمنا عبد الاراقم ضلة * فما ذا الذي تجدي عليك الاراقم فمالي ثار دون قطع لسانه * فدونك من ترضيه عنه الدراهم [1] قال معاوية: - ما حاجتك ؟ - لسانه - ذلك لك وبلغ الخبر الاخطل فاسرع الى يزيد مستجيرا به وقال له: هذا الذي كنت اخافه فطمانه يزيد وذهب الى أبيه، فاخبره بانه قد اجاره، فقال معاوية: لا سبيل الى ذمة أبي خالد - يعني يزيدا - فعفى عنه، وجعل الاخطل يفخر برعاية يزيد له، ويشمت بالنعمان بقوله: [1] العقد الفريد 5 / 321 - 322. (*)