في علمه وتقواه وتحرجه في الدين، والله تعالى يقول في كتابه: " هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ". سادسا - ان هذه الشورى أوجدت التنافس بين اعضائها، فان كل واحد منهم قد رأى نفسه ندا للآخر وكفوءا له، ولم يكونوا قبل ذلك على هذا الرأي فقد كان سعد خاضعا لعبد الرحمان، وعبد الرحمان تابع لعثمان ومن خلص أصحابه ومناصريه وبعد الشورى حدث بينهما انشقاق غريب، فكان عبد الرحمان يؤلب على عثمان، ويدعو عليا ليحمل كل منهما سيفه ليناجزه وقد عهد إلى اوليائه بعد موته ان لا يصلي عليه عثمان.. وكذلك كان الزبير شيعة للامام، وقد وقف إلى جانبه يوم السقيفة، وتحمل في سبيله ضروبا شاقة وعسيرة من الجهد والعناء، وقد قال في عهد عمر: " والله لو مات عمر بايعت عليا " ولكن الشورى قد نفخت فيه روح الطموح فرأى نفسه ندا للامام ففارقه وخرج عليه يوم الجمل، وهكذا اوجدت الشورى روح التخاصم والعداء بين اعضائها، فقد رأى كل واحد منهم انه اولى بالامر، واحق به من غيره، وقد ادى التخاصم والنزاع الذي وقع بينهم إلى تصديع كلمة المسلمين وتشتيت شملهم، وقد اعلن هذه الظاهرة معاوية بن أبي سفيان في حديث مع ابي الحصين الذي أوفده زياد لمقابلته فقد قال له معاوية: - بلغني ان عندك ذهنا وعقلا، فاخبرني عن شئ أسألك عنه ؟ - سلني عما بدا لك. - اخبرني ما الذي شتت شمل امر المسلمين وملاهم وخالف بينهم ؟ - قتل الناس عثمان. - ما صنعت شيئا. - مسير علي اليك وقتاله إياك.