فصبر رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) حتّى نالوه بالعظائم، و رموه بها، فضاق صدره، فأنزل اللّه عزّ و جلّ وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ[2].
ثمّ كذّبوه و رموه، فحزن لذلك، فأنزل اللّه عزّ و جلّ: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَ لكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا[3] فألزم النبيّ (صلى اللّه عليه و آله و سلّم) نفسه الصبر، فتعدّوا فذكروا اللّه تبارك و تعالى و كذّبوه، فقال: قد صبرت في نفسي و أهلي و عرضي، و لا صبر لي على ذلك إلهي، فأنزل اللّه عزّ و جلّ: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ[4].
فصبر النبيّ (صلى اللّه عليه و آله و سلّم) في جميع أحواله، ثمّ بشّر في عترته بالأئّمة (عليهم السلام) و وصفوا بالصبر فقال جلّ ثناؤه: وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ[5] فعند ذلك قال (صلى اللّه عليه و آله و سلّم): الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد، فشكر اللّه عزّ و جلّ ذلك له فأنزل اللّه عزّ و جلّ: وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَ دَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ وَ ما كانُوا يَعْرِشُونَ[6] فقال (صلى اللّه عليه و آله و سلّم): إنّه بشرى و انتقام فأباح اللّه عزّ و جلّ له قتال المشركين، فأنزل اللّه: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ