مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ رَدُّوهُ إِلَيْهِمْ، فَغَضِبَ الثَّانِي وَ قَالَ لِصَاحِبِهِ: يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَ هُوَ يَرُدُّ النَّاسَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ.
ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ (ص)، فَقَالَ: أَ لَسْتَ بِرَسُولِ اللَّهِ حَقّاً؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: وَ نَحْنُ الْمُسْلِمُونَ حَقّاً؟! قَالَ: بَلَى، قَالَ: وَ هُمُ الْكَافِرُونَ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَعَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا[1] فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ (ص): إِنَّمَا أَعْمَلُ بِمَا يَأْمُرُنِي بِهِ اللَّهُ رَبِّي، إِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنْهَا إِلَيْهِمْ رَاغِباً! فَلَا خَيْرَ لَنَا فِي مَقَامِهِ بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَ مَنْ رَغِبَ فِينَا مِنْهُمْ، فَسَيَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ مَخْرَجاً وَ مَخْرَجاً.
فَقَالَ الثَّانِي: وَ اللَّهِ مَا شَكَكْتُ فِي الْإِسْلَامِ إِلَّا حِينَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ ذَلِكَ!!.
وَ قَامَ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ مُتَسَخِّطاً لِأَمْرِ اللَّهِ وَ أَمْرِ رَسُولِهِ، غَيْرَ رَاضٍ بِذَلِكَ ثُمَّ أَقْبَلَ يَمْشِي فِي النَّاسِ، وَ يُؤَلِّبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (ص) وَ يَعْرِضُ بِهِ وَ يَقُولُ: وَعَدَنَا بِرُؤْيَاهُ الَّتِي زَعَمَ أَنَّهُ رَآهَا يَدْخُلُ مَكَّةَ، وَ قَدْ صُدِدْنَا عَنْهَا وَ مُنِعْنَا مِنْهَا، ثُمَّ نَنْصَرِفُ الْآنَ، وَ قَدْ أَعْطَيْنَاهُ الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا!، وَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ مَعِي أَعْوَاناً مَا أَعْطَيْتُ الدَّنِيَّةَ أَبَداً فَقَدْ كَانَ أُعْطِيَ الْأَعْوَانَ، وَ قِيلَ لَهُ يَوْمَ أُحُدٍ قَاتِلْ، وَ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَفَرَّ بِأَعْوَانِهِ، وَ بَلَغَ النَّبِيَّ (ص) ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ:
[1].- انظر صحيح مسلم في باب صلح الحديبية الجزء الأوّل، و صحيح البخاريّ ج 2، ص 81 في آخر كتاب الشّروط، ففيهما تفصيل القضيّة.