اللَّهِ لَوْ تَرَكْتَ أُسَامَةَ يُقِيمُ فِي مُعَسْكَرِهِ حَتَّى تَتَمَاثَلَ[1] فَإِنَّ أُسَامَةَ إِنْ خَرَجَ عَلَى حَالَتِهِ هَذِهِ لَمْ يَنْتَفِعْ بِنَفْسِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: أَنْفِذُوا بَعْثَ أُسَامَةَ.
فَمَضَى النَّاسُ إِلَى الْمُعَسْكَرِ فَبَاتُوا[2] لَيْلَةَ الْأَحَدِ وَ رَسُولُ اللَّهِ ثَقِيلٌ مُغْمًى عَلَيْهِ، فَدَخَلَ أُسَامَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَ عَيْنَاهُ تَهْمِلَانِ وَ عِنْدَهُ الْعَبَّاسُ عَمُّهُ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَ النِّسَاءُ حَوْلَهُ فَتَطَأْطَأَ إِلَيْهِ[3] أُسَامَةُ فَقَبَّلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ نَصَبَهُمَا[4] إِلَى أُسَامَةَ.
قَالَ أُسَامَةُ: فَعَرَفْتُ[5] أَنَّهُ يَدْعُو لِي فَرَجَعْتُ إِلَى مُعَسْكَرِي، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْإِثْنَيْنِ جَاءَ أُسَامَةُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص: اغْدُ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ، فَوَدَّعَهُ أُسَامَةُ، وَ رَسُولُ اللَّهِ مُفِيقٌ، فَصَاحَ أُسَامَةُ بِأَصْحَابِهِ وَ أَمَرَهُمْ بِاللُّحُوقِ بِالْمُعَسْكَرِ، وَ بِالرَّحِيلِ.
فَلَمَّا مَتَعَ النَّهَارُ فَبَيْنَا أُسَامَةُ يُرِيدُ أَنْ يَرْكَبَ مِنَ الْجُرْفِ[6] أَتَاهُ رَسُولُ
[1].- تماثل من باب تفاعل، تماثل عليل من علّته، أيّ قارب البرء و صار- أشبه شيء بالصّحّة.
[2].- و في« ش» العسكر و باتوا.
[3].- في« ش»: عليه فتطاطأ عن الشّيء، إذا خفض رأسه، لسان العرب ج 10 ص 113، و تاج العروس ج 1، ص 322.
[4].- في مغازي الواقديّ فيصبهما، ثمّ انظر تاريخ الطّبريّ ج 3، ص 196، ط مصر، و في« ش» نصبها. و في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1، ص 160 يضعهما.
[5].- و في« ش»: فأعرفه.
[6].- موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشّام، معجم البلدان ج 2، ص 128.