responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار إحياء التراث نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 30  صفحه : 284
إلى التفرقة ومع ذلك لا يخلو من تأثير نفساني ثم إن القائلين به اختلفوا في القدر الذي يقع به فقال بعضهم لا يزيد تأثيره على قدر التفرقة بين المرء وزوجه لأن الله تعالى إنما ذكر ذلك تعظيما لما يكون عنده وتهويلا له فلو وقع به أعظم منه لذكره لأن المثل لا يضرب عند المبالغة إلا بأعلى أحوال المذكور ومذهب الأشاعرة أنه يجوز أن يقع به أكثر من ذلك وهو الصحيح عقلا لأنه لا فاعل إلا الله وما يقع من ذلك فهو عادة أجراها الله تعالى ولا تفترق الأفعال في ذلك وليس بعضها بأولى من بعض ولورود الشرع بقصوره عن مرتبة لوجب المصير إليه ولكن لا يوجد شرع قاطع يوجب الاقتصار على ما قاله القائل الأول وذكر التفرقة بين الزوجين في الآية ليس بنص في منع الزيادة وإنما النظر في أنه ظاهر أم لا والفرق بين الساحر وبين النبي والولي على قول الأشاعرة بأنه يجوز خرق العادة على يد الساحر مبين في الكتب الكلامية وغيرها من شروح الصحاح وقيل في الآية المراد بالنفث في العقد إبطال عزائم الرجال بالحيل مستعار من تليين العقد بنفث الريق ليسهل حلها وهو يقرب من بدع التفاسير.
* (ومن شر حاسد إذا حسد) *
* (ومن شر حاسد إذا حسد) * أي إذا أظهر ما في نفسه من الحسد وعمل بمقتضاه بترتيب مقدمات الشر ومبادي الأضرار بالمحسود قولا وفعلا ومن ذلك على ما قيل النظر إلى المحسود وتوجيه نفسه الخبيثة نحوه على وجه الغضب فإن نفس الحاسد حينئذ تتكيف بكيفية خبيثة بما تؤثر في المحسود بحسب ضعفه وقوة نفس الحاسد شرا قد يصل إلى حد الإهلاك ورب حاسد يؤذي بنظره بعين حسهد نحو ما يؤذى بعد الحيات بنظرهن وذكروا أن العائن والحاسد يشتركان في أن كلا منهما تتكيف نفسه وتتوجه نمحو من تريد أذاه إلا أن العائن تتكيف نفسه عند مقابلة العين والمعاينة والحاسد يحصل حسده في الغيبة والحضور وأيضا العائن قد يعين من لا يحسده من حيوان وزرع وإن كان لا ينفك من حسد صاحبه والتقييد بذلك إذ لا ضرر قبله بل قيل إن ضرر الحسد إنما يحيق بالحاسد لا غير كما قال علي كرم الله تعالى وجهه لله در الحسد ما أعد له بدأ بصاحبه فقتله وقال ابن المعتز: اصبر على حسد الحسو * د فإن صبرك قاتله فالنار تأكل بعضها * إن لم تجد ما تأكله وليعلم أن الحسد يطلق على تمني زوال نعمة الغير وعلى تمني استصحاب عدم النعمة ودوام ما في الغير من نقص أو فقر أو نحوه والإطلاق الأول هو الشائع والحاسد بكلا الإطلاقين ممقوت عند الله تعالى وعند عباده عز وجل آت بابا من الكبائر على ما اشتهر بينهم لكن التحقيق أن الحسد الغريزي الجبلي إذا لم يعمل بمقتضاه من الأذى مطلقا بل عامل المتصف به أخاه بما يحب الله تعالى مجاهد أنفسه لا إثم فيه بل يثاب صاحبه على جهاد نفسه وحسن معاملته أخاه ثوابا عظيما لما في ذلك من مشقة مخالفة الطبع كما لا يخفى ويطلق الحسد على الغبطة مجازا وكان ذلك شائعا في العرف الأول وه يتمني أن يكون له مثل ما لأخيه من النعمة من غير تمني زوالها وهذا مما لا بأس به ومن ذلك ما صح من قوله صلى الله عليه وسلم لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله تعالى ما لا وسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله تعالى الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها الناس وقال أبو تمام: هم حسدوه لا ملومين مجده * وما حاسد في المكرمات بحاسد وقال أيضا: وأعذر حسودك فيما قد خصصت به * إن العلا حسن في مثلها الحسد هذا وقال الرئيس ابن سينا الغاسق القوة الحيوانية فهي ظلمة غاسقة منكدرة على خلاف النفس الناطقة التي هي المستعيذة فإنها خلقت في جوهرها نقية صافية مبرأة عن كدورات المادة وعلائقها قابلة لجميع الصور والحقائق وإنما تتلوث من الحيوانية والنفاثات في العقد إشارة إلى القوى النباتية

نام کتاب : تفسير روح المعاني - ط دار إحياء التراث نویسنده : الألوسي، شهاب الدين    جلد : 30  صفحه : 284
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست