responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 558
الأسود بن قيس سمع جندبا قال: أبطأ جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال المشركون ودع محمدا ربه فأنزل الله تعالى " والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ". وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج وعمرو بن عبد الله الأودي قالا حدثنا أبو أسامة حدثني سفيان حدثني الأوسد بن قيس أنه سمع جندبا يقول رمي رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجر في أصبعه فقال: " هل أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت؟ " قال فمكث ليلتين أو ثلاثا لا يقوم فقالت له امرأة ما أرى شيطانك إلا قد تركك فنزلت " والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى " والسياق لأبي سعيد قيل إن هذه المرأة هي أم جميل امرأة أبي لهب. وذكر أن أصبعه عليه وسلم دميت وقوله هذا الكلام الذي اتفق أنه موزون ثابت في الصحيحين ولكن الغريب ههنا جعله سببا لتركه القيام ونزول هذه السورة. فأما ما رواه ابن جرير حدثنا ابن أبي الشوارب حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا سليمان الشيباني عن عبد الله بن شداد أن خديجة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم ما أرى بك إلا قد قلاك فأنزل الله " والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى " وقال أيضا حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه قال: أبطأ جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فجزع جزعا شديدا فقالت خديجة إني أرى ربك قد قلاك مما نرى من جزعك قال فنزلت " والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى " إلى آخرها فإنه حديث مرسل من هذين الوجهين ولعل ذكر خديجة ليس محفوظا أو قالته على وجه التأسف والتحزن والله أعلم.
وقد ذكر بعض السلف منهم ابن إسحاق أن هذه السورة هي التي أوحاها جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تبدى له في صورته التي خلقه الله عليها ودنا إليه وتدلى منهبطا عليه وهو بالأبطح " فأوحى إلى عبده ما أوحى " قال: قال له هذه السورة " والضحى والليل إذا سجى " قال العوفي عن ابن عباس: لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن أبطأ عنه جبريل أياما فتغير بذلك فقال المشركون ودعه ربه وقلاه فأنزل الله " ما ودعك ربك وما قلى " وهذا قسم منه تعالى بالضحى وما جعل فيه من الضياء " والليل إذا سجى " أي سكن فأظلم وادلهم قاله مجاهد وقتادة والضحاك وابن زيد وغيرهم وذلك دليل ظاهر على قدرة خالق هذا وهذا كما قال تعالى " والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى " وقال تعالى " فالق الاصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم ".
وقوله تعالى " ما ودعك ربك " أي ما تركك " وما قلى " أي وما أبغضك " وللآخرة خير لك من الأولى " وللدار الآخرة خير لك من هذه الدار ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا وأعظمهم لها إطراحا كما هو معلوم بالضرورة من سيرته ولما خير عليه السلام في آخر عمره بين الخلد في الدنيا إلى آخرها ثم الجنة وبين الصيرورة إلى الله عز وجل اختار ما عند الله على هذه الدنيا الدنية قال الإمام أحمد حدثنا يزيد حدثنا المسعودي عن عمرو بن مرة عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن عبد الله هو ابن مسعود قال: اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير فأثر في جنبه فلما استيقظ جعلت أمسح جنبه وقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا آذنتنا حتى نبسط لك على الحصير شيئا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما لي وللدنيا إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب ظل تحت شجرة ثم راح وتركها " ورواه الترمذي وابن ماجة من حديث المسعودي به وقال الترمذي حسن صحيح، وقوله تعالى " ولسوف يعطيك ربك فترضى " أي في الدار الآخرة يعطيه حتى يرضيه في أمته وفيما أعده له من الكرامة ومن جملته نهر الكوثر الذي حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف وطينه مسك أذفر كما سيأتي. وقال الإمام أبو عمر الأوزاعي عن إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر المخزومي عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه قال: عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوح على أمته من بعده كنزا كنزا سر بذلك فأنزل الله " ولسوف يعطيك ربك فترضى " فأعطاه في الجنة ألف ألف قصر في كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريقه وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس ومثل هذا ما يقال إلا عن توقيف وقال السدي عن ابن عباس من رضاء محمد صلى الله عليه وسلم أن لا يدخل أحد من أهل بيته النار

نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 558
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست