responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 388
بهم وهو العزيز الحكيم (3) ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم (4)
يخبر تعالى أنه يسبح له ما في السماوات وما في الأرض أي من جميع المخلوقات ناطقها وجامدها كما قال تعالى " وإن من شئ إلا يسبح بحمده " ثم قال تعالى " الملك القدوس " أي هو مالك السماوات والأرض المتصرف فيها بحكمه وهو المقدس أي المنزه عن النقائص الموصوف بصفات الكمال " العزيز الحكيم " تقدم تفسيرها غير مرة. وقوله تعالى " هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم " الأميون هم العرب كما قال تعالى " وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد " وتخصيص الأميين بالذكر لا ينفي من عداهم ولكن المنة عليهم أبلغ وأكثر كما قال تعالى في قوله " وإنه لذكر لك ولقومك " وهو ذكر لغيرهم يتذكرون به وكذا قال تعالى " وأنذر عشيرتك الأقربين " وهذا وأمثاله لا ينافي قوله تعالى " قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا " وقوله " لأنذركم به ومن بلغ " وقوله تعالى إخبارا عن القرآن " ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده " إلى غير ذلك من الآيات الدالة على عموم بعثته صلوات الله وسلامه عليه إلى جميع الخلق أحمرهم وأسودهم وقد قدمنا تفسير ذلك في سورة الأنعام بالآيات والأحاديث الصحيحة ولله الحمد والمنة وهذه الآية هي مصداق إجابة الله لخليله إبراهيم حين دعا لأهل مكة أن يبعث الله فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة فبعثه الله سبحانه وتعالى وله الحمد والمنة على حين فترة من الرسل وطموس من السبل وقد اشتدت الحاجة إليه وقد مقت الله أهل الأرض عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب أي نزرا يسيرا ممن تمسك بما بعث الله به عيسى ابن مريم عليه السلام ولهذا قال تعالى " هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين " وذلك أن العرب كانوا قديما متمسكين بدين إبراهيم الخليل عليه السلام فبدلوه وغيروه وقلبوه وخالفوه واستبدلوا بالتوحيد شركا وباليقين شكا وابتدعوا أشياء لم يأذن بها الله وكذلك أهل الكتاب قد بدلوا كتبهم وحرفوها وغيروها وأولوها فبعث الله محمدا صلوات الله وسلامه عليه بشرع عظيم كامل شامل لجميع الخلق فيه هدايتهم والبيان لجميع ما يحتاجون إليه من أمر معاشهم ومعادهم والدعوة لهم إلى ما يقربهم إلى الجنة ورضا الله عنهم والنهي عما يقربهم إلى النار وسخط الله تعالى حاكم وفاصل لجميع الشبهات والشكوك والريب في الأصول والفروع وجمع له تعالى وله الحمد والمنة جميع المحاسن ممن كان قبله وأعطاه ما لم يعط أحدا من الأولين ولا يعطيه أحدا من الآخرين فصلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين، وقوله تعالى " وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم " قال الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله تعالى حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا سليمان بن بلال عن ثور عن أبي الغيث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه
سورة الجمعة " وآخرين منهم لما يلحقوا بهم " قالوا من هم يا رسول الله؟ فلم يراجعهم حتى سئل ثلاثا وفينا
سلمان الفارسي فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان الفارسي ثم قال " لو كان الايمان عند الثريا لناله رجال أو
رجل من هؤلاء " ورواه مسلم والترمذي والنسائي وابن أبي حاتم وابن جرير من طرق عن ثور بن يزيد الديلي عن
سالم أبي الغيث عن أبي هريرة به ففي هذا الحديث دليل على أن هذه السورة مدنية وعلى عموم بعثته صلى الله عليه وسلم إلى
جميع الناس لأنه فسر قوله تعالى " وآخرين منهم " بفارس. ولهذا كتب كتبه إلى فارس والروم وغيرهم من الأمم
يدعوهم إلى الله عز وجل وإلى اتباع ما جاء به ولهذا قال مجاهد وغير واحد في قوله تعالى " وآخرين منهم لما
يلحقوا بهم " قال هم الأعاجم وكل من صدق النبي صلى الله عليه وسلم من غير العرب وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا


نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 388
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست