responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 337
شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوى عزيز (25)
يقول تعالى " لقد أرسلنا رسلنا بالبينات " أي بالمعجزات والحجج الباهرات والدلائل القاطعات " وأنزلنا معهم الكتاب " وهو النقل الصدق " والميزان " وهو العدل قاله مجاهد وقتادة وغيرهما وهو الحق الذي تشهد به العقول الصحيحة المستقيمة المخالفة للآراء السقيمة كما قال تعالى " أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه " وقال تعالى " فطرة الله التي فطر الناس عليها " وقال تعالى " والسماء رفعها ووضع الميزان " ولهذا قال في هذه الآية " ليقوم الناس بالقسط " أي بالحق والعدل وهو اتباع الرسل فيما أخبروا به وطاعتهم فيما أمروا به فإن الذي جاؤوا به هو الحق الذي ليس وراءه حق كما قال " وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا " أي صدقا في الاخبار وعدلا في الأوامر والنواهي ولهذا يقول المؤمنون إذا تبوؤا غرف الجنات والمنازل العاليات والسرر المصفوفات " الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ".
وقوله تعالى " وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد " أي وجعلنا الحديد رادعا لمن أبى الحق وعانده بعد قيام الحجة عليه ولهذا أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة توحى إليه السور المكية وكلها جدال مع المشركين وبيان وإيضاح للتوحيد وبينات ودلالات فلما قامت الحجة على من خالف شرع الله الهجرة وأمرهم بالقتال بالسيوف وضرب الرقاب والهام لمن خالف القرآن وكذب به وعانده. وقد روى الإمام أحمد وأبو داود من حديث عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن حسان بن عطية عن أبي المنيب الجرشي الشامي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم " ولهذا قال تعالى " فيه بأس شديد " يعني السلاح كالسيوف والحراب والسنان والنصال والدروع ونحوها " ومنافع للناس " أي في معايشهم كالسكة والفأس والقدوم والمنشار والازميل والمجرفة والآلات التي يستعان بها في الحراثة والحياكة والطبخ والخبز ومالا قوام للناس بدونه وغير ذلك. قال علباء بن أحمد عن عكرمة أن ابن عباس قال: ثلاثة أشياء نزلت مع آدم السندان والكلبتان والميقعة يعني المطرقة رواه ابن جرير وابن أبي حاتم. وقوله تعالى " وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب " أي من نيته في حمل السلاح نصرة الله ورسوله " إن الله قوي عزيز " أي هو قوي عزيز ينصر من نصره من غير احتياج منه إلى الناس وإنما شرع الجهاد ليبلو بعضكم ببعض.
ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون (26) ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون (27)
يخبر تعالى أنه منذ بعث نوحا عليه السلام لم يرسل بعده رسولا ولا نبيا إلا من ذريته وكذلك إبراهيم عليه السلام خليل الرحمن لم ينزل من السماء كتابا ولا أرسل رسولا ولا أوحى إلى بشر من بعده إلا وهو من سلالته كما قال تعالى في الآية الأخرى " وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب " حتى كان آخر أنبياء بني إسرائيل عيسى ابن مريم الذي بشر من بعده بمحمد صلوات الله وسلامه عليهما ولهذا قال تعالى " ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا

نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 337
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست