responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 76
نصب على التمييز تقديره كبرت كلمتهم هذه وقيل على التعجب تقديره أعظم بكلمتهم كلمة كما تقول أكرم بزيد رجلا قاله بعض البصريين وقرأ ذلك بعض قراء مكة كبرت كلمة كما يقال عظم قولك وكبر شأنك والمعنى على قراءة الجمهور أظهر فإن هذا تبشيع لمقالتهم واستعظام لإفكهم ولهذا قال " كبرت كلمة تخرج من أفواههم " أي ليس لها مستند سوى قولهم ولا دليل لهم عليها إلا كذبهم وافتراؤهم ولهذا قال " إن يقولون إلا كذبا " وقد ذكر محمد بن إسحاق سبب نزول هذه السورة الكريمة فقال: حدثني شيخ من أهل مصر قدم علينا منذ بضع وأربعين سنة عن عكرمة عن ابن عباس قال: بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة فقالوا لهم سلوهم عن محمد وصفوا لهما صفته وأخبروهم بقوله فإنهم أهل الكتاب الأول وعندهم ما ليس عندنا من علم الأنبياء فخرجا حتى أتيا المدينة فسألوا أحبار يهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفوا لهم أمره وبعض قوله وقالا: إنكم أهل التوراة وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا قال: فقالوا لهم سلوه عن ثلاث نأمركم بهن فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل وإلا فرجل متقول فتروا فيه رأيكم: سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم فإنهم قد كان لهم حديث عجيب وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه وسلوه عن الروح ما هو؟ فإن أخبركم بذلك فهو نبي فاتبعوه وإن لم يخبركم فإنه رجل متقول فاصنعوا في أمره ما بدا لكم فأقبل النضر وعقبة حتى قدما على قريش فقالا: يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور فأخبروهم بها فجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد أخبرنا فسألوه عما أمروهم به فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " أخبركم غدا عما سألتم عنه " ولم يستثن فانصرفوا عنه ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة لا يحدث الله له في ذلك وحيا ولا يأتيه جبرائيل عليه السلام حتى أرجف أهل مكة وقالوا:
وعدنا محمد غدا واليوم خمس عشرة قد أصبحنا فيها لا يخبرنا بشئ عما سألناه عنه وحتى أحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحي عنه وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة ثم جاءه جبرائيل عليه السلام من الله عز وجل بسورة أصحاب الكهف فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية والرجل الطواف وقول الله عز وجل " ويسألونك عن الروح قل الروح " الآية.
فلعلك باخع نفسك على اثرهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا (6) إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا (7) وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا (8)
يقول تعالى مسليا لرسوله صلوات الله وسلامه عليه في حزنه على المشركين لتركهم الايمان وبعدهم عنه كما قال تعالى " فلا تذهب نفسك عليهم حسرات " وقال " ولا تحزن عليهم " وقال " لعلك باخع نفسك أن لا يكونوا مؤمنين " باخع أي مهلك نفسك بحزنك عليهم ولهذا قال " فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث " يعني القرآن أسفا يقول لا تهلك نفسك أسفا قال قتادة: قاتل نفسك غضبا وحزنا عليهم وقال مجاهد جزعا والمعنى متقارب أي لا تأسف عليهم بل أبلغكم رسالة الله فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تذهب نفسك عليهم حسرات ثم أخبر تعالى أنه جعل الدنيا دارا فانية مزينة بزينة زائلة وإنما جعلها دار اختبار لا دار قرار. فقال " إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا " قال قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر ما ذا تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " ثم أخبر تعالى بزوالها وفنائها وفراغها وانقضائها وذهابها وخرابها فقال تعالى " وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا " أي وإنا لمصيروها بعد الزينة إلى الخراب والدمار فنجعل كل شئ عليها هالكا صعيدا جرزا لا ينبت ولا ينتفع به كما قال العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا يقول يهلك كل شئ عليها ويبيد وقال مجاهد:


نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 76
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست