responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 577
أن ظاهر القصة يدل على أن هؤلاء كانوا رسل الله عز وجل لا من جهة المسيح عليه السلام كما قال تعالى: (إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون - إلى أن قالوا - ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون * وما علينا إلا البلاغ المبين) ولو كان هؤلاء من الحواريين لقالوا عبارة تناسب أنهم من عند المسيح عليه السلام والله تعالى أعلم ثم لو كانوا رسل المسيح لما قالوا لهم (إن أنتم إلا بشر مثلنا) (الثاني) أن أهل أنطاكية آمنوا برسل المسيح إليهم وكانوا أول مدينة آمنت بالمسيح ولهذا كانت عند النصارى إحدى المدائن الأربعة اللاتي فيهن بتاركة وهن القدس لأنها بلد المسيح وأنطاكية لأنها أول بلدة آمنت بالمسيح عن آخر أهلها والإسكندرية لان فيها اصطلحوا على اتخاذ البتاركة والمطارنة والأساقفة والقساوسة والشمامسة والرهابين. ثم رومية لأنها مدينة الملك قسطنطين الذي نصر دينهم وأوطده ولما ابتنى القسطنطينية نقلوا البترك من رومية إليها كما ذكره غير واحد ممن ذكر تواريخهم كسعيد بن بطريق وغيره من أهل الكتاب والمسلمين فإذا تقرر أن أنطاكية أول مدينة آمنت فأهل هذه القرية ذكر الله تعالى أنهم كذبوا رسله وأنه أهلكهم بصيحة واحدة أخمدتهم والله أعلم. (الثالث) أن قصة أنطاكية مع الحواريين أصحاب المسيح بعد نزول التوراة وقد ذكر أبو سعيد الخدري رضي الله عنه وغير واحد من السلف أن الله تبارك وتعالى بعد إنزاله التوراة لم يهلك أمة من الأمم عن آخرهم بعذاب يبعثه عليهم بل أمر المؤمنين بعد ذلك بقتال المشركين ذكروه عند قوله تبارك وتعالى:
(ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى) فعلى هذا يتعين أن هذه القرية المذكورة في القرآن قرية أخرى غير أنطاكية كما أطلق ذلك غير واحد من السلف أيضا أو تكون أنطاكية إن كان لفظها محفوظا في هذه القصة مدينة أخرى غير هذه المشهورة المعروفة فإن هذه لم يعرف أنها أهلكت لا في الملة النصرانية ولا قبل ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم فأما الحديث الذي رواه الحافظ أبو القاسم الطبراني حدثنا الحسين بن إسحاق التستري حدثنا الحسين بن أبي السري العسقلاني حدثنا حسين الأشقر حدثنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " السبق ثلاثة: فالسابق إلى موسى عليه الصلاة والسلام يوشع بن نون والسابق إلى عيسى عليه الصلاة والسلام صاحب يس والسابق إلى محمد صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه " فإنه حديث منكر لا يعرف إلا من طريق حسين الأشقر وهو شيعي متروك والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
ياحسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون (30) ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون (31) وإن كل لما جميع لدينا محضرون (32)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: (يا حسرة على العباد) أي يا ويل العباد وقال قتادة (يا حسرة على العباد) أي يا حسرة العباد على أنفسهم على ما ضيعت من أمر الله وفرطت في جنب الله وفي بعض القراءات (يا حسرة العباد على أنفسها) ومعنى هذا يا حسرتهم وندامتهم يوم القيامة إذا عاينوا العذاب كيف كذبوا رسل الله وخالفوا أمر الله فإنهم كانوا في الدار الدنيا المكذبون منهم (ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون) أي يكذبونه ويستهزئون به ويجحدون ما أرسل به من الحق. ثم قال تعالى: (ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون) أي ألم يتعظوا بمن أهلك الله قبلهم من المكذبين للرسل كيف لم يكن لهم إلى هذه الدنيا كرة ولا رجعة ولم يكن الامر كما زعم كثير من جهلتهم وفجرتهم من قولهم (إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا) وهم القائلون بالدور من الدهرية وهم الذين يعتقدون جهلا منهم أنهم يعودون إلى الدنيا كما كانوا فيها فرد الله تبارك وتعالى عليهم باطلهم فقال تبارك وتعالى (ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون). وقوله عز وجل (وإن كل لما جميع لدينا محضرون) أي وإن جميع الأمم الماضية والآتية ستحضر للحساب يوم القيام بين يدي الله جل وعلا فيجازيهم بأعمالهم كلها خيرها وشرها ومعنى هذه كقوله جل وعلا (وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم) وقد اختلف القراء في أداء هذا الحرف فمنهم من قرأ (وإن كل لما) بالتخفيف فعنده أن إن للاثبات ومنهم من شدد (لما) وجعل إن نافية ولما

نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 577
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست