responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 449
ومنكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية فهذا السلام والخطاب والنداء لموجود يسمع ويخاطب ويعقل ويرد وإن لم يسمع المسلم الرد والله أعلم.
الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير (54)
ينبه تعالى على تنقل الانسان في أطوار الخلق حال بعد حال فأصله من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ثم يصير عظاما ثم تكسى العظام لحما وينفخ فيه الروح ثم يخرج من بطن أمه ضعيفا نحيفا واهن القوى ثم يشب قليلا قليلا حتى يكون صغيرا ثم حدثا ثم مراهقا ثم شابا وهو القوة بعد الضعف ثم يشرع في النقص فيكتهل ثم يشيخ ثم يهرم وهو الضعف بعد القوة فتضعف الهمة والحركة والبطش وتشيب اللمة وتتغير الصفات الظاهرة والباطنة ولهذا قال تعالى (ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء) أي يفعل ما يشاء ويتصرف في عبيده بما يريد (وهو العليم القدير) قال الإمام أحمد حدثنا وكيع عن فضيل ويزيد حدثنا فضيل بن مرزوق عن عطية العوفي قال: قرأت على ابن عمر (الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا) فقال (الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا) ثم قال قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قرأت علي فأخذ علي كما أخذت عليك ورواه أبو داود والترمذي وحسنه من حديث فضيل به ورواه أبو داود من حديث عبد الله بن جابر عن عطية عن أبي سعيد بنحوه.
ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون (55) وقال الذين أوتوا العلم والأيمن لقد لبثتم في كتب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون (56) فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون (57)
يخبر تعالى عن جهل الكفار في الدنيا والآخرة ففي الدنيا فعلوا ما فعلوا من عبادة الأوثان وفي الآخرة يكون منهم جهل عظيم أيضا فمنه إقسامهم بالله أنهم ما لبثوا غير ساعة واحدة في الدنيا ومقصودهم بذلك عدم قيام الحجة عليهم وأنهم لم ينظروا حتى يعذر إليهم قال الله تعالى (كذلك كانوا يؤفكون * وقال الذين أوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث) أي فيرد عليهم المؤمنون العلماء في الآخرة كما أقاموا عليهم حجة الله في الدنيا فيقولون لهم حين يحلفون ما لبثوا غير ساعة (لقد لبثتم في كتاب الله) أي في كتاب الأعمال إلى يوم البعث أي من يوم خلقتم إلى أن بعثتم ولكنكم كنتم لا تعلمون قال الله تعالى (فيومئذ) أي يوم القيامة (لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم) أي اعتذارهم عما فعلوا (ولاهم يستعتبون) أي ولا هم يرجعون إلى الدنيا كما قال تعالى (وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين).
ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بأية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون (58)
كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون (59) فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون (60)
يقول تعالى (ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل) أي قد بينا لهم الحق ووضحناه لهم وضربنا لهم فيه الأمثال ليستبينوا الحق ويتبعوه (ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون) أي لو رأوا أي آية كانت سواء كانت باقتراحهم أو غيره لا يؤمنون بها ويعتقدون أنها سحر وباطل كما قالوا في انشقاق القمر ونحوه كما قال تعالى (إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون * ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم) ولهذا قال ههنا (كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون * فاصبر إن وعد الله حق) أي اصبر على مخالفتهم وعنادهم فإن الله تعالى منجز لك ما

نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 449
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست