responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 445
عن مجاهد (ظهر الفساد في البر والبحر) قال فساد البر قتل ابن آدم وفساد البحر أخذ السفينة غصبا وقال عطاء الخراساني المراد بالبر ما فيه من المدائن والقرى وبالبحر جزائره. والقول الأول أظهر وعليه الأكثرون ويؤيده ما قاله محمد بن إسحاق في السيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم صالح ملك أيلة وكتب إليه ببحره يعني ببلده ومعنى قوله تعالى (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس) أي بان النقص في الزروع والثمار بسبب المعاصي. وقال أبو العالية: من عصى الله في الأرض فقد أفسد في الأرض لان صلاح الأرض والسماء بالطاعة ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داود " لحد يقام في الأرض أحب إلى أهلها من أن يمطروا أربعين صباحا " والسبب في هذا أن الحدود إذا أقيمت انكف الناس أو أكثرهم أو كثير منهم عن تعاطي المحرمات وإذا تركت المعاصي كان سببا في حصول البركات من السماء والأرض. ولهذا إذا نزل عيسى ابن مريم عليه السلام في آخر الزمان يحكم بهذه الشريعة المطهرة في ذلك الوقت من قتل الخنزير وكسر الصليب ووضع الجزية وهو تركها فلا يقبل إلا الاسلام أو السيف فإذا أهلك الله في زمانه الدجال وأتباعه ويأجوج ومأجوج قيل للأرض أخرجي بركتك فيأكل من الرمانة الفئام من الناس ويستظلون بقحفها ويكفي لبن اللقحة الجماعة من الناس وما ذاك إلا ببركة تنفيذ شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فكلما أقيم العدل كثرت البركات والخير. ولهذا ثبت في الصحيحين أن الفاجر إذا مات يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب وقال الإمام أحمد بن حنبل حدثنا محمد والحسين قالا حدثنا عوف عن أبي مخذم قال وجد رجل في زمان زياد أو ابن زياد صرة فيها حب يعني من بر أمثال النوى مكتوب فيها هذا نبت في زمان كان يعمل فيه بالعدل وروى مالك عن زيد بن أسلم أن المراد بالفساد ههنا الشرك وفيه نظر وقوله تعالى (ليذيقهم بعض الذي عملوا) الآية أي يبتليهم بنقص الأموال والأنفس والثمرات اختبارا منه لهم ومجازاة على صنيعهم (لعلهم يرجعون) أي عن المعاصي كما قال تعالى (وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون) ثم قال تعالى (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل) أي من قبلكم (كان أكثرهم مشركين) أي فانظروا ما حل بهم من تكذيب الرسل وكفر النعم.
فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون (43) من كفر فعليه كفره ومن عمل صلحا فلأنفسهم يمهدون (44) ليجزى الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله إنه لا يحب الكافرين (45)
يقول تعالى آمرا عباده بالمبادرة إلى الاستقامة في طاعته والمبادرة إلى الخيرات (فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله) أي يوم القيامة إذا أراد كونه فلا راد له (يومئذ يصدعون) أي يتفرقون ففريق في الجنة وفريق في السعير ولهذا قال تعالى (من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون * ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله) أي يجازيهم مجازاة الفضل الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما يشاء الله (إنه لا يحب الكافرين) ومع هذا هو العادل فيهم الذي لا يجور.
ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجرى الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون (46) ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين (47)
يذكر تعالى نعمه على خلقه في إرساله الرياح مبشرات بين يدي رحمته بمجئ الغيث عقبها ولهذا قال تعالى (وليذيقكم من رحمته) أي المطر الذي ينزله فيحيي به العباد والبلاد (ولتجري الفلك بأمره) أي في البحر وإنما سيرها بالريح (ولتبتغوا من فضله) أي في التجارات والمعايش والسير من إقليم إلى إقليم وقطر إلى قطر (ولعلكم تشكرون) أي تشكرون الله على ما أنعم به عليكم من النعم الظاهرة والباطنة التي لا تعد ولا تحصى. ثم قال تعالى (ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا) هذه تسلية من الله تعالى لعبده

نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 445
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست