responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 436
معه وسار إلى قريب من يوم في الماء مصعدا ثم أمر بإلقاء تلك الأحمال في النهر فلما مرت بكسرى وجنده ظن أنهم قد خاضوا من هنالك فركبوا في طلبهم فشغرت المخاضة عن الفرس وقدم قيصر فأمرهم بالنهوض والخوض فخاضوا وأسرعوا السير ففاتوا كسرى وجنوده ودخلوا القسطنطينية فكان ذلك يوما مشهودا عند النصارى وبقي كسرى وجيوشه حائرين لا يدرون ماذا يصنعون لم يحصلوا على بلاد قيصر وبلادهم قد خربتها الروم وأخذوا حواصلهم وسبوا ذراريهم ونساءهم فكان هذا من غلب الروم لفارس وكان ذلك بعد تسع سنين من غلب فارس للروم وكانت الوقعة الكائنة بين فارس والروم حين غلبت الروم بين أذرعات وبصرى على ما ذكره ابن عباس وعكرمة وغيرهما وهي طرف بلاد الشام مما يلي بلاد الحجاز وقال مجاهد كان ذلك في الجزيرة وهي أقرب بلاد الروم من فارس فالله أعلم. ثم كان غلب الروم لفارس بعد بضع سنين وهي تسع فإن البضع في كلام العرب ما بين الثلاث إلى التسع. وكذلك جاء في الحديث الذي رواه الترمذي وابن جرير وغيرهما من حديث عبد الله بن عبد الرحمن الجمحي عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر في مناحبة (ألم غلبت الروم) الآية " ألا احتطت يا أبا بكر فإن البضع ما بين ثلاث إلى تسع؟ " ثم قال هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وروى ابن جرير عن عبد الله بن عمرو أنه قال ذلك والله أعلم. وقوله تعالى: (لله الامر من قبل ومن بعد) أي من قبل ذلك ومن بعده فبنى على الضم لما قطع المضاف وهو قوله قبل عن الإضافة ونويت (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله) أي للروم أصحاب قيصر ملك الشام على فارس أصحاب كسرى وهم المجوس وكانت نصرة الروم على فارس يوم وقعة بدر في قول طائفة كثيرة من العلماء كابن عباس والثوري والسدي وغيرهم. وقد ورد في الحديث الذي رواه الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم والبزار من حديث الأعمش عن عطية عن أبي سعيد قال: لما كان يوم بدر ظهرت الروم على فارس فأعجب ذلك المؤمنين ففرحوا به وأنزل الله (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم) وقال الآخرون بل كان نصر الروم على فارس عام الحديبية. قاله عكرمة والزهري وقتادة وغير واحد ووجه بعضهم هذا القول بأن قيصر كان قد نذر لئن أظفره الله بكسرى ليمشين من حمص إلى إيليا وهو بيت المقدس شكرا لله تعالى ففعل فلما بلغ بيت المقدس لم يخرج منه حتى وافاه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعثه مع دحية بن خليفة فأعطاه دحية لعظيم بصرى فدفعه عظيم بصرى إلى قيصر فلما وصل إليه سأل من بالشام من عرب الحجاز فأحضر له أبو سفيان صخر بن حرب الأموي في جماعة من كبار قريش وكانوا بغزة فجئ بهم إليه فجلسوا بين يديه فقال أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟
فقال أبو سفيان أنا فقال لأصحابه وأجلسهم خلفه إني سائل هذا عن هذا الرجل فإن كذب فكذبوه فقال أبو سفيان فوالله لولا أن يأثروا علي الكذب لكذبت فسأله هرقل عن نسبه وصفته فكان فيما سأله أن قال: فهل يغدر؟ قال قلت لا ونحن منه في مدة لا ندري ما هو صانع فيها يعني بذلك الهدنة التي كانت قد وقعت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفار قريش عام الحديبية على وضع الحرب بينهم عشر سنين فاستدلوا بهذا على أن نصر الروم على فارس كان عام الحديبية لان قيصر إنما وفى بنذره بعد الحديبية والله أعلم.
ولأصحاب القول الأول أن يجيبوا عن هذا بأن بلاده كانت قد خربت وتشعبت فما تمكن من وفاء نذره حتى أصلح ما ينبغي له إصلاحه وتفقد بلاده ثم بعد أربع سنين من نصرته وفى بنذره والله أعلم.
والامر في هذا سهل قريب إلا أنه لما انتصرت فارس على الروم ساء ذلك المؤمنين فلما انتصرت الروم على فارس فرح المؤمنون بذلك لان الروم أهل كتاب في الجملة فهم أقرب إلى المؤمنين من المجوس كما قال تعالى: (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى - إلى قوله - ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين) وقال تعالى ههنا (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم).
وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا صفوان حدثنا الوليد حدثني أسيد الكلابي قال سمعت العلاء بن الزبير الكلابي يحدث عن أبيه قال رأيت غلبة فارس الروم ثم رأيت غلبة الروم فارس. ثم رأيت غلبة المسلمين فارس والروم كل ذلك في خمسة عشر سنة.


نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 436
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست