responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 428
الكتابة فضعيف لا أصل له قال الله تعالى (وما كنت تتلو) أي تقرأ (من قبله من كتاب) لتأكيد النفي (ولا تخطه بيمينك) تأكيد أيضا وخرج مخرج الغالب كقوله تعالى (ولا طائر يطير بجناحيه) وقوله تعالى (إذا لارتاب المبطلون) أي لو كنت تحسنها لارتاب بعض الجهلة من الناس فيقول إنما تعلم هذا من كتب قبله مأثورة عن الأنبياء مع أنهم قالوا ذلك مع علمهم بأنه أمي لا يحسن الكتابة (وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا) قال الله تعالى (قال أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض) الآية وقال ههنا (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) أي هذا القرآن آيات بينة واضحة في الدلالة على الحق أمرا ونهيا وخبرا يحفظه العلماء يسره الله عليهم حفظا وتلاوة وتفسيرا كما قال تعالى (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من نبي إلا وقد أعطي ما آمن على مثله البشر وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا " وفي حديث عياض بن حمار في صحيح مسلم يقول الله تعالى " إني مبتليك ومبتل بك ومنزل عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظانا " أي لو غسل الماء المحل المكتوب فيه لما احتيج إلى ذلك المحل لأنه قد جاء في الحديث الآخر " لو كان القرآن في إهاب ما أحرقته النار " ولأنه محفوظ في الصدور ميسر على الألسنة مهيمن على القلوب معجز لفظا ومعنى ولهذا جاء في الكتب المقدسة صفة هذه الأمة أناجيلهم في صدورهم واختار ابن جرير أن المعنى في قوله تعالى (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم)
بل العلم بأنك ما كنت تتلو من قبل هذا الكتاب كتابا ولا تخطه بيمينك آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب ونقله عن قتادة وابن جريج وحكى الأول عن الحسن البصري فقط قلت وهو الذي رواه العوفي عن ابن عباس وقاله الضحاك وهو الاظهر والله أعلم وقوله تعالى (وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون) أي ما يكذب بها ويبخس حقها ويردها إلا الظالمون أي المعتدون المكابرون الذين يعلمون الحق ويحيدون عنه كما قال تعالى (إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم).
وقالوا لولا أنزل عليه آية من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين (50) أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون (51) قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السماوات والأرض والذين آمنوا بالبطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون (52)
يقول تعالى مخبرا عن المشركين في تعنتهم وطلبهم آيات يعنون ترشدهم إلى أن محمدا رسول الله كما أتى صالح بناقته قال الله تعالى قل يا محمد (إنما الآيات عند الله) أي إنما أمر ذلك إلى الله فإنه لو علم أنكم تهتدون لأجابكم إلى سؤالكم لان هذا سهل عليه يسر لديه ولكنه يعلم منكم أنكم إنما قصدتم التعنت والامتحان فلا يجيبكم إلى ذلك كما قال تعالى (وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون * وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها) وقوله: (وإنما أنا نذير مبين) أي إنما بعثت نذيرا لكم بين النذارة فعلي أن أبلغكم رسالة الله تعالى (ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا) وقال تعالى: (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء) ثم قال تعالى مبينا كثرة جهلهم وسخافة عقلهم حيث طلبوا آيات تدلهم على صدق محمد صلى الله عليه وسلم فيما جاءهم وقد جاءهم بالكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه الذي هو أعظم من كل معجزة إذ عجزت الفصحاء والبلغاء عن معارضته بل عن معارضة عشر سور من مثله بل عن معارضة سورة منه فقال تعالى: (أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم) أي أولم يكفهم آية أنا أنزلنا عليك الكتاب العظيم الذي فيه خبر ما قبلهم ونبأ ما بعدهم وحكم ما بينهم وأنت رجل أمي لا تقرأ ولا تكتب ولم تخالط أحدا من أهل الكتاب فجئتهم بأخبار ما في الصحف الأولى ببيان الصواب مما اختلفوا فيه وبالحق الواضح البين الجلي كما قال تعالى (أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل)


نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 428
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست