responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 420
عليهم الحجة فعدلوا إلى استعمال جاههم وقوة ملكهم (فقالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم * وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين) وذلك أنهم حشدوا في جمع أحطاب عظيمة مدة طويلة وحوطوا حولها ثم أضرموا فيها النار فارتفع لها لهب إلى عنان السماء ولم توقد نار قط أعظم منها ثم عمدوا إلى إبراهيم فكتفوه وألقوه في كفة المنجنيق ثم قذفوه فيها فجعلها الله عليه بردا وسلاما وخرج منها سالما بعد ما مكث فيها أياما ولهذا وأمثاله جعله الله للناس إماما فإنه بذل نفسه للرحمن وجسده للنيران وسخا بولده للقربان وجعل ماله للضيفان ولهذا اجتمع على محبته جميع أهل الأديان. وقوله تعالى: (فأنجاه الله من النار) أي سلمه منها بأن جعلها عليه بردا وسلاما (إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون * وقالوا إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا) يقول لقومه مقرعا لهم وموبخا على سوء صنيعهم في عبادتهم للأوثان إنما اتخذتم هذه لتجتمعوا على عبادتها في الدنيا صداقة وألفة منكم بعضكم لبعض في الحياة الدنيا وهذا على قراءة من نصب مودة بينكم على أنه مفعول له وأما على قراءة الرفع فمعناه إنما اتخاذكم هذا لتحصل لكم المودة في الدنيا فقط ثم يوم القيامة ينعكس هذا الحال فتبقى هذه الصداقة والمودة بغضا وشنآنا (ثم يكفر بعضكم ببعض) أي تتجاحدون ما كان بينكم (ويلعن بعضكم بعضا) أي يلعن الاتباع المتبوعين والمتبوعون الاتباع (كلما دخلت أمة لعنت أختها) وقال تعالى: (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) وقال ههنا (ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار) الآية أي ومصيركم ومرجعكم بعد عرصات القيامة إلى النار ومالكم من ناصر ينصركم ولا منقذ ينقذكم من عذاب الله وهذا حال الكافرين وأما المؤمنون فبخلاف ذلك. قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي حدثنا أبو عاصم الثقفي ثنا الربيع بن إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن جعدة بن هبيرة المخزومي عن أبيه عن جده عن أم هانئ أخت علي بن أبي طالب قالت قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: " أخبرك أن الله تعالى يجمع الأولين والآخرين يوم القيامة في صعيد واحد فمن يدري أين الطرفان؟ قالت الله ورسوله أعلم - ثم ينادي مناد من تحت العرش يا أهل التوحيد فيشرئبون - قال أبو عاصم يرفعون رؤوسهم ثم ينادي يا أهل التوحيد ثم ينادي الثالثة يا أهل التوحيد إن الله قد عفا عنكم - قال - فيقول الناس قد تعلق بعضهم ببعض في ظلمات الدنيا - يعني المظالم - ثم ينادي يا أهل التوحيد ليعف بعضكم عن بعض وعلى الله الثواب ".
فأمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربى إنه هو العزيز الحكيم (26) ووهبنا له إسحق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين (27)
يقول تعالى مخبرا عن إبراهيم أنه آمن له لوط يقال إنه ابن أخي إبراهيم يقولون هو لوط بن هاران بن آزر يعني ولم يؤمن به من قومه سواه وسارة امرأة إبراهيم الخليل. لكن يقال كيف الجمع بين هذه الآية وبين الحديث الوارد في الصحيح أن إبراهيم حين مر على ذلك الجبار فسأل إبراهيم عن سارة ما هي منه فقال أختي ثم جاء إليها فقال لها إني قد قلت له إنك أختي فلا تكذبيني فإنه ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك فأنت أختي في الدين. وكأن المراد من هذا والله أعلم أنه ليس على وجه الأرض زوجان على الاسلام غيري وغيرك فإن لوطا عليه السلام آمن به من قومه وهاجر معه إلى بلاد الشام ثم أرسل في حياة الخليل إلى أهل سدوم وأقام بها وكان من أمرهم ما تقدم وما سيأتي وقوله تعالى: (وقال إني مهاجر إلى ربي) يحتمل عود الضمير في قوله: (وقال إني مهاجر) على لوط لأنه هو أقرب المذكورين ويحتمل عوده إلى إبراهيم. قاله ابن عباس والضحاك وهو المكنى عنه بقوله: (فآمن له لوط) أي من قومه ثم أخبر عنه بأنه اختار المهاجرة من بين أظهرهم ابتغاء إظهار الدين والتمكن من ذلك ولهذا قال: (إنه هو العزيز الحكيم) أي له العزة ولرسوله وللمؤمنين به الحكيم في أقواله وأفعاله وأحكامه القدرية والشرعية. وقال قتادة هاجرا جميعا من كوثى وهي من سواد الكوفة إلى الشام. قال وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنها ستكون هجرة بعد هجرة ينحاز أهل الأرض إلى مهاجر إبراهيم ويبقى في الأرض شرار أهلها حتى تلفظهم أرضهم وتقذرهم روح الله عز وجل

نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 420
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست