responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 407
قليلا) أي دثرت ديارهم فلا ترى إلا مساكنهم وقوله تعالى: (وكنا نحن الوارثين) أي رجعت خرابا ليس فيها أحد وقد ذكر ابن أبي حاتم ههنا عن ابن مسعود أنه سمع كعبا يقول لعمر: إن سليمان عليه السلام قال للهامة - يعني البومة - مالك لا تأكلين الزرع؟ قالت: لأنه أخرج آدم من الجنة بسببه، قال فما لك لا تشربين الماء؟ قالت أن الله تعالى أغرق قوم نوح به، قال فمالك لا تأوين إلا إلى الخراب؟ قالت لأنه ميراث الله تعالى ثم تلا (وكنا نحن الوارثين) ثم قال تعالى مخبرا عن عدله وأنه لا يهلك أحدا ظالما له وإنما يهلك من أهلك بعد قيام الحجة عليهم ولهذا قال: (وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها) وهي مكة (رسولا يتلوا عليهم آياتنا) فيه دلالة على أن النبي الأمي وهو محمد صلى الله عليه وسلم المبعوث من أم القرى رسول إلى جميع القرى من عرب وأعجام كما قال تعالى: (لتنذر أم القرى ومن حولها)
وقال تعالى: (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا) وقال: (لأنذركم به ومن بلغ) وقال: (ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده) وتمام الدليل قوله تعالى: (وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا) فأخبر تعالى أنه سيهلك كل قرية قبل يوم القيامة وقد قال تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) فجعل تعالى بعثة النبي الأمي شاملة لجميع القرى لأنه مبعوث إلى أمها وأصلها التي ترجع إليها وثبت في الصحيحين عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: " بعثت إلى الأحمر والأسود " ولهذا ختم به النبوة والرسالة فلا نبي بعده ولا رسول بل شرعه باق بقاء الليل والنهار إلى يوم القيامة وقيل المراد بقوله: (حتى يبعث في أمها رسولا) أي أصلها وعظيمتها كأمهات الرساتيق والأقاليم، حكاه الزمخشري وابن الجوزي وغيرهما وليس ببعيد.
وما أوتيتم من شئ فمتع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون (60) أفمن وعدنه وعدا حسنا فهو لقيه كمن متعناه متع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيمة من المحضرين (61)
يقول تعالى مخبرا عن حقارة الدنيا وما فيها من ا لزينة الدنيئة والزهرة الفانية بالنسبة إلى ما أعده الله لعباده الصالحين في الدار الآخرة من النعيم العظيم المقيم كما قال تعالى: (ما عندكم ينفد وما عند الله باق) وقال: (وما عند الله خير للأبرار) وقال: (وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع) وقال تعالى: (بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والله ما الحياة الدنيا في الآخرة إلا كما يغمس أحدكم أصبعه في اليم فلينظر ماذا يرجع إليه " وقوله تعالى: (أفلا تعقلون) أي أفلا يعقل من يقدم الدنيا على الآخرة. وقوله تعالى: (أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدينا ثم هو يوم القيامة من المحضرين) يقول تعالى أفمن هو مؤمن مصدق بما وعده الله على صالح الأعمال من الثواب الذي هو صائر إليه لا محالة كمن هو كافر مكذب بلقاء الله ووعده ووعيده فهو ممتع في الحياة الدنيا أياما قلائل (ثم هو يوم القيامة من المحضرين) قال مجاهد وقتادة من المعذبين ثم قد قيل إنها نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أبي جهل. وقيل في حمزة وعلي وأبي جهل وكلاهما عن مجاهد والظاهر أنها عامة وهذا كقوله تعالى إخبارا عن ذلك المؤمن حين أشرف على صاحبه وهو في الدرجات وذاك في الدركات فقال: (ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين) وقال تعالى: (ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون).
ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين تزعمون (62) قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغوينه كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون (63) وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون (64) ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين (65) فعميت عليهم الانباء يومئذ فهم لا يتساءلون (66) فأما من تاب وآمن وعمل صلحا فعسى أن يكون من المفلحين (67)
يقول تعالى مخبرا عما يوبخ به الكفار المشركين يوم القيامة حيث يناديهم فيقول: (أين شركائي الذين كنتم

نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 407
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست