responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 381
من بني آدم وهي إتيان الذكور دون الإناث وذلك فاحشة عظيمة استغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء فقال (أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون) أي يرى بعضكم بعضا وتأتون في ناديكم المنكر (أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون) أي لا تعرفون شيئا لا طبعا ولا شرعا كما قال في الآية الأخرى (أتأتون الذكران من العالمين *
وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون) (فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون) أي يتحرجون من فعل ما تفعلونه ومن إقراركم على صنيعكم فأخرجوهم من بين أظهركم فإنهم لا يصلحون لمجاورتكم في بلادكم فعزموا على ذلك فدمر الله عليهم وللكافرين أمثالها، قال الله تعالى (فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين) أي من الهالكين مع قومها لأنها كانت ردءا لهم على دينهم وعلى طريقتهم في رضاها بأفعالهم القبيحة فكانت تدل قومها على ضيفان لوط ليأتوا إليهم لا أنها كانت تفعل الفواحش تكرمة لنبي الله صلى الله عليه وسلم لا كرامة لها وقوله تعالى (وأمطرنا عليهم مطرا) أي حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد ولهذا قال (فساء مطر المنذرين) أي الذين قامت عليهم الحجة ووصل إليهم الانذار فخالفوا الرسول وكذبوه وهموا بإخراجه من بينهم.
قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أما يشركون (59) أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإلاه مع الله بل هم قوم يعدلون (60)
يقول تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول (الحمد لله) أي على نعمه على عباده من النعم التي لا تعد ولا تحصى وعلى ما اتصف به من الصفات العلى والأسماء الحسنى وأن يسلم على عباد الله الذين اصطفاهم واختارهم وهم رسله وأنبياؤه الكرام عليهم من الله أفضل الصلاة والسلام هكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيره إن المراد بعباده الذين اصطفى هم الأنبياء قال وهو كقوله (سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين) وقال الثوري والسدي هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم أجمعين وروي نحوه عن ابن عباس أيضا ولا منافاة فإنهم إذا كانوا من عباد الله الذين اصطفى فالأنبياء بطريق الأولى والأحرى والقصد أن الله تعالى أمر رسوله ومن اتبعه بعد ذكره لهم ما فعل بأوليائه من النجاة والنصر والتأييد وما أحل بأعدائه من الخزي والنكال والقهر أن يحمدوه على جميع أفعاله وأن يسلموا على عباده المصطفين الأخيار وقد قال أبو بكر البزار حدثنا محمد بن عمارة بن صبيح حدثنا طلق بن غنام حدثنا الحكم بن ظهير عن السدي إن شاء الله عن أبي مالك عن ابن عباس (وسلام على عباده الذين اصطفى) قال هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم اصطفاهم الله لنبيه رضي الله عنهم وقوله تعالى (آلله خير أم ما يشركون)
استفهام إنكار على المشركين في عبادتهم مع الله آلهة أخرى، ثم شرع تعالى يبين أنه المنفرد بالخلق والرزق والتدبير دون غيره فقال تعالى: (أمن خلق السماوات) أي خلق تلك السماوات في ارتفاعها وصفائها وما جعل فيها من الكواكب النيرة والنجوم الزاهرة والأفلاك الدائرة وخلق الأرض في استفالها وكثافتها وما جعل فيها من الجبال والأطواد والسهول والأوعار والفيافي والقفار والزروع والأشجار والثمار والبحار والحيوان على اختلاف الأصناف والاشكال والألوان وغير ذلك وقوله تعالى: (وأنزل لكم من السماء ماء) أي جعله رزقا للعباد (فأنبتنا به حدائق)
أي بساتين (ذات بهجة) أي منظر حسن وشكل حسن وشكل بهي (ما كان لكم أن تنبتوا شجرها) أي لم تكونوا تقدرون على إنبات أشجارها وإنما يقدر على ذلك الخالق الرازق المستقل بذلك المتفرد به دون ما سواه من الأصنام والأنداد كما يعترف به هؤلاء المشركون كما قال تعالى في الآية الأخرى (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله) (ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله) أي هم معترفون بأنه الفاعل لجميع ذلك وحده لا شريك له ثم هم يعبدون معه غيره مما يعترفون أنه لا يخلق ولا يرزق وإنما يستحق أن يفرد بالعبادة. من هو المتفرد

نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 3  صفحه : 381
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست