responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 494
فقلن ليتوصلن إلى رؤيته ومشاهدته فعند ذلك " أرسلت إليهن " أي دعتهن إلى منزلها لتضيفهن " وأعتدت لهن " متكأ " قال ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد والحسن والسدي وغيرهم: هو المجلس المعد فيه مفارش ومخاد وطعام فيه ما يقطع بالسكاكين من أترج ونحوه ولهذا قال تعالى " وآتت كل واحدة منهن سكينا " وكان هذا مكيدة منها ومقابلة لهن في احتيالهن على رؤيته " وقالت اخرج عليهن " وذلك أنها كانت قد خبأته في مكان آخر " فلما " خرج " و " رأينه أكبرنه " أي أعظمنه أي أعظمن شأنه وأجللن قدره وجعلن يقطعن أيديهن دهشة برؤيته وهن يظنن أنهن يقطعن الأترج بالسكاكين والمراد أنهن حززن أيديهن بها قاله غير واحد وعن مجاهد وقتادة: قطعن أيديهن حتى ألقينها فالله أعلم. وقد ذكر غير واحد أنها قالت لهن بعد ما أكلن وطابت أنفسهن ثم وضعت بين أيديهن أترجا وآتت كل واحدة منهن سكينا هل لكن في النظر إلى يوسف؟ قلن نعم فبعثت إليه تأمره أن اخرج إليهن فلما رأينه جعلن يقطعن أيديهن ثم أمرته آن يرجع ليرينه مقبلا ومدبرا فرجع وهن يحززن في أيديهن فلما أحسسن بالألم جعلن يولولن فقالت أنتن من نظرة واحدة فعلتن هذا فكيف ألام أنا؟ " فقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم " ثم قلن لها: وما نرى عليك من لوم بعد هذا الذي رأينا لأنهن لم يرين في البشر شبيهه ولا قريبا منه فإنه عليه السلام كان قد أعطي شطر الحسن كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح في حديث الاسراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بيوسف عليه السلام في السماء الثالثة قال " فإذا هو قد أعطي شطر الحسن " وقال حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أعطي يوسف وأمه شطر الحسن " وقال سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال: أعطي يوسف وأمه ثلث الحسن وقال أبو إسحاق أيضا عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: كان وجه يوسف مثل البرق وقالت المرأة إذا أتته لحاجة غطى وجهه مخافة أن تفتتن به ورواه الحسن البصري مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " أعطي يوسف وأمه ثلث حسن أهل الدنيا وأعطي الناس الثلثين " أو قال " أعطي يوسف وأمه الثلثين والناس الثلث " وقال سفيان عن منصور عن مجاهد عن ربيعة الجرشي قال: قسم الحسن نصفين فأعطي يوسف وأمه سارة نصف الحسن والنصف الآخر بين سائر الخلق وقال الإمام أبو القاسم السهيلي: معناه أن يوسف عليه السلام كان على النصف من حسن آدم عليه السلام فإن الله خلق آدم بيده على أكمل صورة وأحسنها ولم يكن في ذريته من يوازيه في جماله وكان يوسف قد أعطي شطر حسنه فلهذا قال هؤلاء النسوة عند رؤيته " حاش لله " قال مجاهد وغير واحد معاذ الله " ما هذا بشرا " وقرأ بعضهم ما هذا بشرى أي بمشترى بشراء " إن هذا إلا ملك كريم * قالت فذلكن الذي لمتنني فيه " تقول هذا معتذرة إليهن بأن هذا حقيق أن يحب لجماله وكماله " ولقد راودته عن نفسه فاستعصم " أي فامتنع قال بعضهم لما رأين جماله الظاهر أخبرتهن بصفاته الحسنة التي تخفى عنهن وهي العفة مع هذا الجمال ثم قالت تتوعده " ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين " فعند ذلك استعاذ يوسف عليه السلام من شرهن وكيدهن " وقال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه " أي من الفاحشة وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن " أي إن وكلتي إلى نفسي فليس لي منها قدرة ولا أملك لها ضرا ولا نفعا إلا بحولك وقوتك أنت المستعان وعليك التكلان فلا تكلني إلى نفسي " أصب إليهن وأكن من الجاهلين فاستجاب له ربه " الآية وذلك أن يوسف عليه السلام عصمه الله عصمة عظيمة وحماه فامتنع منها أشد الامتناع واختار السجن على ذلك وهذا في غاية مقامات الكمال أنه مع شبابه وجماله وكماله تدعوه سيدته وهى امرأة عزيز مصر وهي مع هذا في غاية الجمال والمال والرياسة ويمتنع من ذلك ويختار السجن على ذلك خوفا من الله ورجاء ثوابه.
ولهذا ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ".


نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 494
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست