responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 426
من ذلك فأبى عليهم إلا أن يقرءوا شيئا منه ليسمعه من لم يسمعه من الناس فيعرفوا فضل ما هم عليه من الهدى والعلم فقرأوا عليه من هذا الذي ذكرناه وأشباهه فلما فرغوا قال لهم الصديق رضي الله عنه: ويحكم أين كان يذهب بعقولكم؟ والله إن هذا لم يخرج من إل وذكروا أن عمرو بن العاص وفد على مسيلمة وكان صديقا له في الجاهلية وكان عمرو لم يسلم بعد فقال له مسيلمة ويحك يا عمرو ماذا أنزل على صاحبكم يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه المدة؟ فقال: لقد سمعت أصحابه يقرءون سورة عظيمة قصيرة فقال: وما هي فقال " والعصر إن الانسان لفي خسر " إلى آخر السورة ففكر مسيلمة ساعة ثم قال وأنا قد أنزل علي مثله فقال وما هو؟ فقال:
يا وبر يا وبر إنما أنت أذنان وصدر وسائرك حفر نقر. كيف ترى يا عمرو؟ فقال له عمرو: والله إنك لتعلم أني أعلم أنك تكذب. فإذا كان هذا من مشرك في حال شركه لم يشتبه عليه حال محمد صلى الله عليه وسلم وصدقه وحال مسيلمة لعنه الله وكذبه فكيف بأولي البصائر والنهى وأصحاب العقول السليمة المستقيمة والحجا ولهذا قال الله تعالى " فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شئ ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله " وقال في هذه الآية الكريمة " ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون " وكذلك من كذب بالحق الذي جاءت به الرسل وقامت عليه الحجج لا أحد أظلم منه كما جاء في الحديث " أعتى الناس على الله رجل قتل نبيا أو قتله نبي ".
ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء وشفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون (18) وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم فيما فيه يختلفون (19)
ينكر تعالى على المشركين الذين عبدوا مع الله غيره ظانين أن تلك الآلهة تنفعهم شفاعتها عند الله فأخبر تعالى أنها لا تضر ولا تنفع ولا تملك شيئا ولا يقع شئ مما يزعمون فيها ولا يكون هذا أبدا ولهذا قال تعالى " قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض " وقال ابن جرير: معناه أتخبرون الله بما لا يكون في السماوات ولا في الأرض؟ ثم نزه نفسه الكريمة عن شركهم وكفرهم فقال " سبحانه وتعالى عما يشركون " ثم أخبر تعالى أن هذا الشرك حادث في الناس كائن بعد أن لم يكن وأن الناس كلهم كانوا على دين واحد وهو الاسلام. قال ابن عباس: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الاسلام ثم وقع الاختلاف بين الناس وعبدت الأصنام والأنداد والأوثان فبعث الله الرسل بآياته وبيناته وحججه البالغة وبراهينه الدامغة " ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة " وقوله " ولولا كلمة سبقت من ربك " الآية أي لولا ما تقدم من الله تعالى أنه لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه وأنه قد أجل الخلق إلى أجل معدود لقضى بينهم فيما اختلفوا فيه فأسعد المؤمنين وأعنت الكافرين.
ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين (20)
أي ويقول هؤلاء الكفرة المكذبون المعاندون: لولا أنزل على محمد آية من ربه يعنون كما أعطى الله ثمود الناقة أو أن يحول لهم الصفا ذهبا أو يزيح عنهم جبال مكة ويجعل مكانها بساتين وأنهارا أو نحو ذلك مما الله عليه قادر ولكنه حكيم في أفعاله وأقواله كما قال تعالى: " تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا * بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا " وكقوله " وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون " الآية. يقول تعالى: إن سنتي في خلقي أني إذا آتيتهم ما سألوا فإن

نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 426
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست