responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 304
ثم خرج من باب العريش وهو يتلو قوله تعالى " سيهزم الجمع ويولون الدبر " وقوله " وينزل عليكم من السماء ماء " قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: نزل النبي صلى الله عليه وسلم حين سار إلى بدر والمشركون بينهم وبين الماء رملة دعصة وأصاب المسلمين ضعف شديد وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ يوسوس بينهم تزعمون أنكم أولياء الله تعالى وفيكم رسوله وقد غلبكم المشركون على الماء وأنتم تصلون مجنبين فأمطر الله عليهم مطرا شديدا فشرب المسلمون وتطهروا وأذهب الله عنهم رجس الشيطان وثبت الرمل حين أصابه المطر ومشى الناس عليه والدواب فساروا إلى القوم وأمد الله نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بألف من الملائكة فكان جبريل في خمسمائة مجنبة وميكائيل في خمسمائة مجنبة. وكذا قال العوفي عن ابن عباس: إن المشركين من قريش لما خرجوا لينصروا العير وليقاتلوا عنها نزلوا على الماء يوم بدر فغلبوا المؤمنين عليه فأصاب المؤمنين الظمأ فجعلوا يصلون مجنبين محدثين حتى تعاطوا ذلك في صدورهم فأنزل الله من السماء ماء حتى سال الوادي فشرب المؤمنون وملؤا الأسقية وسقوا الركاب واغتسلوا من الجنابة فجعل الله في ذلك طهورا وثبت به الاقدام وذلك أنه كانت بينهم وبين القوم رملة فبعث الله المطر عليها فضربها حثى اشتدت وثبتت عليها الاقدام. ونحو ذلك روى عن قتادة والضحاك والسدي وقد روى عن سعيد بن المسيب والشعبي والزهري وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنه طش أصابهم يوم بدر. والمعروف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سار إلى بدر نزل على أدنى ماء هناك أي أول ماء وجده فتقدم إليه الحباب بن المنذر فقال: يا رسول الله هذا المنزل الذي نزلته منزلة أنزلك الله إياه فليس لنا أن نجاوزه أو منزل نزلته للحرب والمكيدة؟ فقال " بل منزل نزلته للحرب والمكيدة " فقال يا رسول الله إن هذا ليس بمنزل ولكن سر بنا حتى ننزل على أدنى ماء يلي القوم ونغور ما وراءه من القلب ونستقي الحياض فيكون لنا ماء وليس لهم ماء فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل كذلك وفي مغازي الأموي أن الحباب لما قال ذلك نزل ملك من السماء وجبريل جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ذلك الملك: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول لك إن الرأي ما أشار به الحباب بن المنذر فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل عليه السلام فقال " هل تعرف هذا؟ " فنظر إليه فقال: ما كل الملائكة أعرفهم وإنه ملك وليس بشيطان. وأحسن ما في هذا ما رواه الإمام محمد بن إسحاق بن يسار صاحب المغازي رحمه الله حدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قال: بعث الله السماء وكان الوادي دهسا فأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما لبد لهم الأرض ولم يمنعهم من المسير وأصاب قريشا ما لم يقدروا على أن يرحلوا معه وقال مجاهد:
أنزل الله عليهم المطر قبل النعاس فأطفأ بالمطر الغبار وتلبدت به الأرض وطابت نفوسهم وثبتت به أقدامهم وقال ابن جرير: حدثنا هارون بن إسحاق حدثنا مصعب بن المقدام حدثنا إسرائيل حدثنا أبو إسحق عن جارية عن علي رضي الله عنه قال: أصابنا من الليل طش من المطر يعني الليلة التي كانت في صبيحتها وقعة بدر فانطلقنا تحت الشجر والحجف نستظل تحتها من المطر وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرض على القتال. وقوله " ليطهركم به " أي من حدث أصغر أو أكبر وهو تطهير الظاهر " ويذهب عنكم رجز الشيطان " أي من وسوسة أو خاطر سئ وهو تطهير الباطن كما قال تعالى في حق أهل الجنة " عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة " فهذا زينة الظاهر " وسقاهم ربهم شرابا طهورا " أي مطهرا لما كان من غل أو حسد أو تباغض وهو زينة الباطن وطهارته " وليربط على قلوبكم " أي بالصبر والاقدام على مجالدة الأعداء وهو شجاعة الباطن " ويثبت به الاقدام " وهو شجاعة الظاهر والله أعلم.
وقوله " إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا " وهذه نعمة خفية أظهرها الله تعالى لهم ليشكروه عليها وهو أنه تعالى وتقدس وتبارك وتمجد أوحى إلى الملائكة الذين أنزلهم لنصر نبيه ودينه وحزبه المؤمنين يوحي إليهم فيما بينه وبينهم أن يثبتوا الذين آمنوا قال ابن إسحاق: وآزروهم وقال غيره: قاتلوا معهم وقيل كثروا سوادهم وقيل كان ذلك بأن الملك كان يأتي الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيقول سمعت

نام کتاب : تفسير ابن كثير نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 304
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست