والسدي والكلبي. قال النحاس: والقول الأول يدل عليه " وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم [1] "، فهذا يبين معنى ذلك. قلت: ويدل عليه من صحيح السنة قول عليه السلام: (ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن) قيل: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: (ولا أنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير). روي (فأسلم) برفع الميم ونصبها. فالرفع على معنى فأسلم من شره. والنصب على معنى فأسلم هو. فقال: (ما منكم من أحد) ولم يقل ولا من الشياطين، إلا أنه يحتمل أن يكون نبه على أحد الجنسين بالآخر، فيكون من باب " سرابيل تقيكم [2] الحر " وفيه بعد، والله أعلم. وروى عوف بن مالك عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا ذر هل تعوذت بالله من شر شياطين الإنس والجن)؟ قال قلت: يا رسول الله، وهل للإنس من شياطين؟ قال: (نعم هم شر من شياطين الجن). وقال مالك بن دينار: إن شيطان الإنس أشد علي من شيطان الجن، وذلك أني إذا تعوذت بالله ذهب عني شيطان الجن، وشيطان الإنس يجيئني فيجرني إلى المعاصي عيانا. وسمع عمر بن الخطاب رضي [3] الله عنه امرأة تنشد: إن النساء رياحين خلقن لكم * وكلكم يشتهي شم الرياحين فأجابها عمر رضي الله عنه: إن النساء شياطين خلقن لنا * نعوذ بالله من شر الشياطين قوله تعالى: (ولو شاء ربك ما فعلوه) أي ما فعلوا إيحاء القول بالغرور. فذرهم أمر فيه معنى التهديد. قال سيبويه: ولا يقال وذر ولا ودع، استغنوا عنهما [4] بترك. قلت: هذا إنما خرج على الأكثر. وفي التنزيل: " وذر الذين [5] " و " ذرهم " و " ما ودعك [6] " . وفي السنة (لينتهن أقوام عن ودعهم الجمعات). وقول: (إذا فعلوا - يريد المعاصي -
[1] ص 74 من هذا الجزء. [2] راجع ج 10 ص 159. [3] من ك، ع، ج. والذي يعرف أن البيت لأحد أدباء البصرة رأى من النساء فأجبه حالهن فقال: إن النساء شياطين. البيت فأجابته إحداهن: إن النساء رياحين. البيت. [4] من ب. [5] يلاحظ أن الفعل في " وذر الذين " وذرهم أمر، ولا يتجه بهما قول المؤلف. فلعل في الكلام سهوا، والعصمة لله. [6] " ودعك " بالتخفيف قراءة رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم. غير سبعية.