نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين جلد : 20 صفحه : 26
عن ابن عباس، ودليله قوله تعالى: " وتغشى وجوههم النار " [1] [إبراهيم: 50]. وقيل: تغشى الخلق. وقيل: المراد النفخة الثانية للبعث، لأنها تغشى الخلائق. وقيل: " الغاشية " أهل النار يغشونها، ويقتحمون فيها. وقيل: معنى " هل أتاك " أي هذا لم يكن من علمك، ولا من علم قومك. قال ابن عباس: لم يكن أتاه قبل ذلك على هذا التفصيل المذكور ها هنا. وقيل: إنها خرجت مخرج الاستفهام لرسوله، ومعناه إن لم يكن أتاك حديث الغاشية فقد أتاك، وهو معنى قول الكلبي. قوله تعالى: وجوه يومئذ خاشعة [2] عاملة ناصبة [3] قال ابن عباس: لم يكن أتاه حديثهم، فأخبره عنهم، فقال: " وجوه يومئذ " أي يوم القيامة. " خاشعة " قال سفيان: أي ذليلة بالعذاب. وكل متضائل ساكن خاشع. يقال: خشع في صلاته: إذا تذلل ونكس رأسه. وخشع الصوت: خفي، قال الله تعالى: " وخشعت الأصوات للرحمن " [طه: 108] [2]. والمراد بالوجوه أصحاب الوجوه. وقال قتادة وابن زيد: " خاشعة " أي في النار. والمراد وجوه الكفار كلهم، قاله يحيى بن سلام. وقيل: أراد وجوه اليهود والنصارى، قاله ابن عباس. ثم قال (عاملة ناصبة) فهذا في الدنيا، لان الآخرة ليست دار عمل. فالمعنى: وجوه عاملة ناصبة في الدنيا " خاشعة " في الآخرة. قال أهل اللغة: يقال للرجل إذا دأب في سيره: قد عمل يعمل عملا. ويقال للسحاب إذا دام برقه: قد عمل يعمل عملا. وذا سحاب عمل. قال الهذلي: [3] حتى شآها كليل موهنا عمل * باتت طرابا وبات الليل لم ينم
[1] آية 50 سورة إبراهيم. [2] آية 108 سورة طه. [3] هو ساعدة بن جؤية. وقوله (شآها): أي ساقها. والكليل: البرق الضعيف. والموهن: القطعة من الليل. وباتت طرابا: أي باتت البقر العطاش طرابا إلى السير إلى الموضع الذي فيه البرق. وبات البرق الليل أجمع لا يقر: فعبر عن البرق بأنه لم ينم، لاتصاله من أول الليل إلى آخره (راجع هذا البيت والكلام عليه في خزانة الأدب الشاهد الرابع بعد الستمائة).
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين جلد : 20 صفحه : 26