responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 17  صفحه : 218
وينبت على اختياره لا على اختيارهم. وكذلك ما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يقولن أحدكم زرعت وليقل حرثت فإن الزارع هو الله) قال أبو هريرة:
ألم تسمعوا قول الله تعالى: (أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون). والمستحب لكل من يلقي البذر في الأرض أن يقرأ بعد الاستعاذة (أفرأيتم ما تحرثون) الآية، ثم يقول: بل الله الزارع والمنبت والمبلغ، اللهم صلي على محمد، وارزقنا ثمره، وجنبنا ضرره، واجعلنا لأنعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين، وبارك لنا فيه يا رب العالمين. ويقال: إن هذا القول أمان لذلك الزرع من جميع الآفات: الدود والجراد وغير ذلك، سمعناه من ثقة وجرب فوجد كذلك. ومعنى (أأنتم تزرعونه) أي تجعلونه [زرعا [1]]. وقد يقال: فلان زراع كما يقال حراث، أي يفعل ما يئول إلى أن يكون زرعا يعجب الزراع. وقد يطلق لفظ الزرع على بذر الأرض وتكريبها تجوزا.
قلت: فهو نهي إرشاد [وأدب [2]] لا نهي حظر وإيجاب، ومنه قوله عليه السلام: (لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي وليقل غلامي وجاريتي وفتاي وفتاتي) وقد مضى في (يوسف [3]) القول فيه. وقد بالغ بعض العلماء فقال: لا يقل حرثت فأصبت، بل يقل: أعانني الله فحرثت، وأعطاني بفضله ما أصبت. قال الماوردي: وتتضمن هذه الآية أمرين، أحدهما - الامتنان عليهم بأن أنبت زرعهم حتى عاشوا به ليشكروه على نعمته عليهم. الثاني - البرهان الموجب للاعتبار، لأنه لما أنبت زرعهم بعد تلاشي بذره، وانتقاله إلى استواء حاله من العفن والتتريب حتى صار زرعا أخضر، ثم جعله قويا مشتدا أضعاف ما كان عليه، فهو بإعادة من أمات أخف عليه وأقدر، وفي هذا البرهان مقنع لذوي الفطر السليمة. ثم قال (لو نشاء لجعلناه حطاما) أي متكسرا يعني الزرع. والحطام الهشيم الهالك الذي لا ينتفع به في مطعم ولا غذاء، فنبه بذلك أيضا على أمرين: أحدهما - ما أولاهم به من النعم في زرعهم إذ لم يجعله حطاما ليشكروه. الثاني - ليعتبروا بذلك في أنفسهم، كما أنه يجعل


[1] زيادة يقتضيها السياق.
[2] الزيادة: من ب، ز، ح، س، ل، ه‌.
[3] راجع ج 9 ص 194


نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 17  صفحه : 218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست