نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين جلد : 14 صفحه : 193
الرابعة - لما وكلت أمرها إلى الله وصح تفويضها إليه تولى الله إنكاحها، ولذلك قال: " فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها ". وروى الإمام جعفر بن محمد عن آبائه عن النبي صلى الله عليه وسلم " وطرا زوجتكها ". ولما أعلمه الله بذلك دخل عليها بغير إذن، ولا تجديد عقد ولا تقرير صداق، ولا شئ مما يكون شرطا في حقوقنا [1] ومشروعا لنا. وهذا من خصوصياته صلى الله عليه وسلم التي لا يشاركه فيها أحد بإجماع من المسلمين. ولهذا كانت زينب تفاخر نساء النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: زوجكن آباؤكن وزوجني الله تعالى. أخرجه النسائي عن أنس بن مالك قال: كانت زينب تفخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم تقول: إن الله عز وجل أنكحني من السماء. وفيها نزلت أية الحجاب، وسيأتي. الخامسة - المنعم عليه في هذه الآية هو زيد بن حارثة، كما بيناه، وقد تقدم خبره في أول السورة [2]. وروي أن عمه لقيه يوما وكان قد ورد مكة في شغل له، فقال: ما أسمك يا غلام؟ قال: زيد، قال: أبن من؟ قال: أبن حارثة. قال أبن من؟ قال: أبن شراحيل الكلبي. قال: فما اسم أمك؟ قال: سعدى، وكنت في أخوالي طي، فضمه إلى صدره. وأرسل إلى أخيه وقومه فحضروا، وأرادوا منه أن يقيم معهم، فقالوا: لمن أنت؟ قال: لمحمد ابن عبد الله، فأتوه وقالوا: هذا ابننا فرده علينا. فقال: (أعرض عليه فإن اختاركم فخذوا بيده) فبعث إلى زيد وقال: (هل تعرف هؤلاء)؟ قال نعم! هذا أبي، وهذا أخي، وهذا عمي. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (فأي صاحب كنت لك)؟ فبكى وقال: لم سألتني عن ذلك؟ قال: (أخيرك فإن أحببت أن تلحق بهم فألحق وإن أردت أن تقيم فأنا من قد عرفت) فقال: ما أختار عليك أحدا. فجذبه عمه وقال: زيد، اخترت العبودية على أبيك وعمك! فقال: أي والله العبودية عند محمد أحب إلي من أن أكون عندكم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اشهدوا أني وارث وموروث). فلم يزل يقال: زيد بن محمد إلى أن نزل قوله تعالى: " ادعوهم لآبائهم " [الأحزاب: 5] ونزل " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم " [الأحزاب: 40].