نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين جلد : 1 صفحه : 163
الأحول - ويلقب بزق العسل - قال سمعت قتادة يقول: يا بن آدم، إن كنت لا تريد أن تأتي الخير إلا عن نشاط فإن نفسك مائلة إلى السآمة والفترة والملة، ولكن المؤمن هو المتحامل [1]، والمؤمن هو المتقوى، والمؤمن هو المتشدد، وإن المؤمنين هم العجاجون [2] إلى الله الليل والنهار، والله ما يزال المؤمن يقول: ربنا ربنا في السر والعلانية حتى استجاب لهم في السر والعلانية. الثانية - قوله تعالى: (بالغيب) الغيب في كلام العرب كل ما غاب عنك، وهو من ذوات الياء، يقال منه: غابت الشمس تغيب، والغيبة معروفة. وأغابت المرأة فهي مغيبة إذا غاب عنها زوجها، ووقعنا في غيبة وغيابة، أي هبطة من الأرض، والغيابة: الأجمة، وهي جماع الشجر يغاب فيها، ويسمى المطمئن من الأرض: الغيب، لأنه غاب عن البصر. الثالثة - واختلف المفسرون في تأويل الغيب هنا، فقالت فرقة: الغيب في هذه الآية: الله سبحانه. وضعفه ابن العربي. وقال آخرون: القضاء والقدر. وقال آخرون: القرآن وما فيه من الغيوب. وقال آخرون: الغيب كل ما أخبر به الرسول عليه السلام مما لا تهتدي إليه العقول من أشراط الساعة وعذاب القبر والحشر والنشر والصراط والميزان والجنة والنار. قال ابن عطية: وهذه الأقوال لا تتعارض بل يقع الغيب على جميعها. قلت: وهذا هو الايمان الشرعي المشار إليه في حديث جبريل عليه السلام حين قال للنبي صلى الله عليه وسلم: فأخبرني عن الايمان. قال: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره). قال: صدقت. وذكر الحديث. وقال عبد الله بن مسعود: ما آمن مؤمن أفضل من إيمان بغيب، ثم قرأ: " الذين يؤمنون بالغيب " [البقرة: 3]. قلت: وفي التنزيل: " وما كنا غائبين [3] " وقال: " الذين يخشون ربهم بالغيب [4] ". فهو سبحانه غائب عن الابصار، غير مرئي في هذه الدار، غير غائب بالنظر والاستدلال،
[1] تحامل في الامر وبه: تكلفه على مشقة وإعياء. [2] العج: رفع الصوت بالتلبية. [3] سورة الأعراف آية 7. [4] سورة الأنبياء آية 49.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين جلد : 1 صفحه : 163