responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 31  صفحه : 79
يجب أن يكون حكيما، لأن إيصال النعمة إلى الغير لو لم يكن مبنيا على داعية الحكمة لكان ذلك تبذيرا لا كرما. أما إذا كان مبنيا على داعية الحكمة فحينئذ يسمى كرما، إذا ثبت هذا فنقول: كونه كريما يدل على وقوع الحشر من وجهين كما قررناه، أما كونه حكيما فإنه يدل على وقوع الحشر من هذا الوجه الثاني، فكان ذكر الكريم ههنا أولى من ذكر الحكيم، هذا هو تمام الكلام في كيفية النظم، ولنرجع إلى التفسير. أما قوله: * (يا أيها الإنسان) * ففيه قولان: أحدهما: أنه الكافر، لقوله من بعد ذلك: * (كلا بل تكذبون بالدين) * (الإنفطار: 9) وقال عطاء عن ابن عباس: نزلت في الوليد بن المغيرة، وقال الكلبي ومقاتل: نزلت في ابن الأسد بن كلدة بن أسيد وذلك أنه ضرب النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعاقبه الله تعالى، وأنزل هذه الآية والقول الثاني: أنه يتناول جميع العصاة وهو الأقرب، لأن خصوص السبب لا يقدح في عموم اللفظ. أما قوله: * (ما غرك بربك الكريم) * فالمراد الذي خدعك وسول لك الباطل حتى تركت الواجبات وأتيت بالمحرمات، والمعنى ما الذي أمنك من عقابه، يقال: غره بفلان إذا أمنه المحذور من جهته مع أنه غير مأمون، وهو كقوله: * (لا يغرنكم بالله الغرور) * (لقمان: 33) هذا إذا حملنا قوله: * (يا أيها الإنسان) * على جميع العصاة، وأما إذا حملناه على الكافر، فالمعنى ما الذي دعاك إلى الكفر والجحد بالرسل، وإنكار الحشر والنشر، وههنا سؤالات:
الأول: أن كونه كريما يقتضي أن يغتر الإنسان بكرمه بدليل المعقول والمنقول، أما المعقول فهو أن الجود إفادة ما ينبغي لا لعوض، فلما كان الحق تعالى جوادا مطلقا لم يكن مستعيضا، ومتى كان كذلك استوى عنده طاعة المطيعين، وعصيان المذنبين، وهذا يوجب الاغترار لأنه من البعيد أن يقدم الغني على إيلام الضعيف من غير فائدة أصلا، وأما المنقول فما روي عن علي عليه السلام، أنه دعا غلامه مرات فلم يجبه، فنظر فإذا هو بالباب، فقال له: لم لم تجبني؟ فقال: لثقتي بحلمك، وأمني من عقوبتك، فاستحسن جوابه، وأعتقه، وقالوا أيضا: من كرم الرجل سوء أدب غلمانه، ولما ثبت أن كرمه يقتضي الاغترار به، فكيف جعله ههنا مانعا من الاغترار به؟ والجواب: من وجوه أحدها: أن معنى الآية أنك لما كنت ترى حلم الله على خلقه ظننت أن ذلك لأنه لا حساب ولا دار إلا هذه الدار، فما الذي دعاك إلى هذا الاغترار، وجرأك على إنكار الحشر والنشر؟ فإن ربك كريم، فهو لكرمه لا يعاجل بالعقوبة بسطا في مدة التوبة، وتأخيرا للجزاء إلى أن يجمع الناس في الدار التي جعلها لهم للجزاء، فالحاصل أن ترك المعاجلة بالعقوبة لأجل الكرم، وذلك لا يقتضي الاغترار بأنه لا دار بعد هذه الدار وثالثها: أن كرمه لما بلغ إلى حيث لا يمنع من العاصي موائد لطفه، فبأن ينتقم للمظلوم من الظالم، كان أولى فإذن كونه كريما يقتضي الخوف الشديد من هذا الاعتبار، وترك الجراءة والاغترار وثالثها: أن كثرة الكرم توجب الجد والاجتهاد في الخدمة والاستحياء من الاغترار والتواني ورابعها: قال بعض الناس:


نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 31  صفحه : 79
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست