responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 81
واحد نفسه أو المراد غير ذلك؟ الجواب: اختلف الناس فيه فقال قوم من المفسرين. لا يجوز أن يكون المراد أمر كل واحد من التائبين بقتل نفسه وهو اختيار القاضي عبد الجبار، واحتجوا عليه بوجهين. الأول: وهو الذي عول عليه أهل التفسير أن المفسرين أجمعوا على أنهم ما قتلوا أنفسهم بأيديهم ولو كانوا مأمورين بذلك لصاروا عصاة بترك ذلك، الثاني: وهو الذي عول عليه القاضي عبد الجبار أن القتل هو نقض البنية التي عندها يجب أن يخرج من أن يكون حيا وما عدا ذلك مما يؤدي إلى أن يموت قريبا أو بعيدا إنما سمي قتلا على طريق المجاز. إذا عرفت حقيقة القتل فنقول: إنه لا يجوز أن يأمر الله تعالى به لأن العبادات الشرعية إنما تحسن لكونها مصالح لذلك المكلف ولا تكون مصلحة إلا في الأمور المستقبلة وليس بعد القتل حال تكليف حتى يكون القتل مصلحة فيه وهذا بخلاف ما يفعله الله تعالى من الإماتة لأن ذلك من فعل الله فيحسن أن يفعله إذا كان صلاحا لمكلف آخر ويعوض ذلك المكلف بالعوض العظيم وبخلاف أن يأمر الله تعالى بأن يجرح نفسه أو يقطع عضوا من أعضائه ولا يحصل الموت عقبه لأنه لما بقي بعد ذلك الفعل حيا لم يمتنع أن يكون ذلك الفعل صلاحا في الأفعال المستقبلة. ولقائل أن يقول: لا نسلم أن القتل اسم للفعل المزهق للروح في الحال بل هو عبارة عن الفعل المؤدي إلى الزهوق إما في الحال أو بعده والدليل عليه أنه لو حلف أن لا يقتل إنسانا فجرحه جراحة عظيمة وبقي بعد تلك الجراحة حيا لحظة واحدة ثم مات فإنه يحنث في يمينه وتسميه كل أهل هذه اللغة قاتلا والأصل في الاستعمال الحقيقة فدل على أن اسم القتل اسم الفعل المؤدي إلى الزهوق سواء أدى إليه في الحال أو بعد ذلك وأنت سلمت جواز ورود الأمر بالجراحة التي لا تستعقب الزهوق في الحال وإذا كان كذلك ثبت جواز أن يراد الأمر بأن يقتل الإنسان نفسه، سلمنا أن القتل اسم الفعل المزهق للروح في الحال فلم لا يجوز ورود الأمر به؟ قوله: لا بد في ورود الأمر به من مصلحة استقبالية، قلنا: أولا لا نسلم أنه لا بد فيه من مصلحة، والدليل عليه أنه أمر من يعلم كفره بالإيمان ولا مصلحة في ذلك إذ لا فائدة من ذلك التكليف إلا حصول العقاب، سلمنا أنه لا بد من مصلحة ولكن لم قلت إنه لا بد من عود تلك المصلحة إليه، ولم لا يجوز أن قتله نفسه مصلحة لغيره فالله تعالى أمره بذلك لينتفع به ذلك الغير، ثم إنه تعالى يوصل العوض العظيم إليه. سلمنا أنه لا بد من عود المصلحة إليه، لكن لم لا يجوز أن يقال إن علمه بكونه مأمورا بذلك الفعل مصلحة له، مثل أنه لما أمر بأن يقتل نفسه غدا فإن علمه بذلك يصير داعيا له إلى ترك القبائح من ذلك الزمان إلى ورود الغد، وإذا كانت هذه الاحتمالات ممكنة سقط ما قال القاضي، بل الوجه الأول الذي عول عليه المفسرون أقوى، وعلى هذا يجب صرف الآية عن ظاهرها، ثم فيه وجهان، الأول: أن يقال أمر كل واحد من أولئك التائبين بأن يقتل بعضهم بعضا فقوله: * (اقتلوا أنفسكم) * معناه ليقتل بعضكم بعضا وهو كقوله في موضع آخر: * (ولا تقتلوا أنفسكم) * (النساء: 29) ومعناه لا يقتل بعضكم بعضا

نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 81
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست