responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 55
أن يستوهب أحد لأحد شيئا ويطلب له حاجة وأصلها من الشفع الذي هو ضد الوتر، كأن صاحب الحاجة كان فردا فصار الشفيع له شفعا أي صارا زوجا. واعلم أن الضمير في قوله: * (ولا يقبل منها) * راجع إلى النفس الثانية العاصية وهي التي لا يؤخذ منها عدل، ومعنى لا يقبل منها شفاعة إنها إن جاءت بشفاعة شفيع لا يقبل منها، ويجوز أن يرجع إلى النفس الأولى، على أنها لو شفعت لها لم تقبل شفاعتها كما لا تجزي عنها شيئا. أما قوله تعالى: * (ولا يؤخذ منها عدل) * أي فدية، وأصل الكلمة من معادلة الشيء تقول: ما أعدل بفلان أحدا، أي لا أرى له نظيرا. قال تعالى: * (ثم الذين كفروا بربهم يعدلون) * (المائدة: 36) ونظيره هذه الآية قوله تعالى: * (إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم) * (المائدة: 36) وقال تعالى: * (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به) * (آل عمران: 91) وقال: * (وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها) * (الأنعام: 70).
أما قوله تعالى: * (ولا هم ينصرون) * فاعلم أن التناصر إنما يكون في الدنيا بالمخالطة والقرابة وقد أخير الله تعالى أنه ليس يومئذ خلة ولا شفاعة وأنه لا أنساب بينهم، وإنما المرء يفر من أخيه وأمه وأبيه وقرابته، قال القفال: والنصر يراد به المعونة كقوله: " انصر أخاك ظالما أو مظلوما "، ومنه معنى الإغاثة: تقول العرب: أرض منصورة أي ممطورة، والغيث ينصر البلاد إذا أنبتها فكأنه أغاث أهلها وقيل في قوله تعالى: * (من كان يظن أن لن ينصره الله) * (الحج: 15) أي أن لن يرزقه كما يرزق الغيث البلاد، ويسمى الانتقام نصرة وانتصارا، قال تعالى: * (ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا) * (الأنبياء: 77) قالوا معناه: فانتقمنا له، فقوله تعالى: * (ولا هم ينصرون) * يحتمل هذه الوجوه فإنهم يوم القيامة لا يغاثون، ويحتمل أنهم إذا عذبوا لم يجدوا من ينتقم لهم من الله، وفي الجملة كأن النصر هو دفع الشدائد، فأخبر الله تعالى أنه لا دافع هناك من عذابه، بقي في الآية مسألتان:
المسألة الأولى: أن في الآية أعظم تحذير عن المعاصي وأقوى ترغيب في تلافي الإنسان ما يكون منه من المعصية بالتوبة لأنه إذا تصور أنه ليس بعد الموت استدراك ولا شفاعة ولا نصرة ولا فدية علم أنه لا خلاص له إلا بالطاعة، فإذا كان لا يأمن كل ساعة من التقصير في العبادة، ومن فوت التوبة من حيث إنه لا يقين له في البقاء صار حذرا خائفا في كل حال، والآية وإن كانت في بني إسرائيل فهي في المعنى مخاطبة للكل لأن الوصف الذي ذكر فيها وصف لليوم وذلك يعم كل من يحضر في ذلك اليوم.
(المسألة الثانية) أجمعت الأمة على أن لمحمد صلى الله عليه وسلم شفاعة في الآخرة وحمل على ذلك قوله تعالى (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) وقوله تعالى (ولسوف يعطيك ربك فترضى) ثم اختلفوا بعد هذا في أن شفاعته عليه السلام لمن تكون أتكون للمؤمنين المستحقين

نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست