responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 28  صفحه : 29
لما قال الله تعالى: * (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) * (الأنفال: 33) فكيف يبقى التخويف حاصلا؟ قلنا: قوله * (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) * إنما أنزل في آخر الأمر فكان التخويف حاصلا قبل نزوله.
ثم إنه تعالى خوف كفار مكة، وذكر فضل عاد بالقوة والجسم عليهم فقال: * (ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه) * قال المبرد ما في قوله * (فيما) * بمنزلة الذي. و * (إن) * بمنزلة ما والتقدير: ولقد مكناهم في الذي ما مكناكم فيه، والمعنى أنهم كانوا أشد منكم قوة وأكثر منكم أموالا، وقال ابن قتيبة كلمة إن زائدة. والتقدير ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه، وهذا غلط لوجوه الأول: أن الحكم بأن حرفا من كتاب الله عبث لا يقول به عاقل والثاني: أن المقصود من هذا الكلام أنهم كانوا أقوى منكم قوة، ثم إنهم مع زيادة القوة ما نجوا من عقاب الله فكيف يكون حالكم، وهذا المقصود إنما يتم لو دلت الآية على أنهم كانوا أقوى قوة من قوم مكة الثالث: أن سائر الآيات تفيد هذا المعنى، قال تعالى: * (هم أحسن أثاثا ورئيا) * (مريم: 74) وقال: * (كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض) * (غافر: 82). ثم قال تعالى: * (وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة) * والمعنى أنا فتحنا عليهم أبواب النعم وأعطيناهم سمعا فما استعملوه في سماع الدلائل، وأعطيناهم أبصارا فما استعملوها في تأمل العبر، وأعطيناهم أفئدة فما استعملوها في طلب معرفة الله تعالى، بل صرفوا كل هذه القوى إلى طلب الدنيا ولذاتها، فلا جرم ما أغنى سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من عذاب الله شيئا.
ثم بين تعالى أنه إنما لم يغن عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم لأجل أنهم كانوا يجحدون بآيات الله، وقوله * (إذ كانوا يجحدون) * بمنزلة التعليل، ولفظ إذ قد يذكر لإفادة التعليل تقول: ضربته إذ أساء، والمعنى ضربته لأنه أساء، وفي هذه الآية تخويف لأهل مكة فإن قوم عاد لما اغتروا بدنياهم وأعرضوا عن قبول الدليل والحجة نزل بهم عذاب الله، ولم تغن عنهم قوتهم ولا كثرتهم، فأهل مكة مع عجزهم وضعفهم أولى بأن يحذروا من عذاب الله تعالى ويخافوا.
ثم قال تعالى: * (وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون) * يعني أنهم كانوا يطلبون نزول العذاب وإنما كانوا يطلبونه على سبيل الاستهزاء والله أعلم.
قوله تعالى * (ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى وصرفنا الايات لعلهم يرجعون * فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا ءالهة بل ضلوا عنهم وذلك إفكهم وما كانوا يفترون) *.


نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 28  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست