responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 28  صفحه : 280
الطريقين الدنيوي والديني، أما الدنيوي فلما ذكرنا، وأما الديني فكما قال الخليل * (لا أحب الآفلين) * (الأنعام: 76) وفيه لطيفة، وهي أن الله لما أقسم بالنجم شرفه وعظمه، وكان من المشركين من يعبده فقرن بتعظيمه وصفا يدل على أنه لم يبلغ درجة العبادة، فإنه هاو آفل.
* (ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى) *.
ثم قال تعالى: * (ما ضل صاحبكم وما غوى) * أكثر المفسرين لم يفرقوا بين الضلال والغي، والذي قاله بعضهم عند محاولة الفرق: أن الضلال في مقابلة الهدى، والغي في مقابلة الرشد، قال تعالى: * (وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا) * (الأعراف: 146) وقال تعالى: * (قد تبين الرشد من الغي) * (البقرة: 256) وتحقيق القول فيه أن الضلال أعم استعمالا في الوضع، تقول ضل بعيري ورحلي، ولا تقول غوى، فالمراد من الضلال أن لا يجد السالك إلى مقصده طريقا أصلا، والغواية أن لا يكون له طريق إلى المقصد مستقيم يدلك على هذا أنك تقول للمؤمن الذي ليس على طريق السداد إنه سفيه غير رشيد، ولا تقول إنه ضال، والضال كالكافر، والغاوي كالفاسق، فكأنه تعالى قال: * (ما ضل) * أي ما كفر، ولا أقل من ذلك فما فسق، ويؤيد ما ذكرنا قوله تعالى: * (فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم) * (النساء: 6) أو نقول الضلال كالعدم، والغواية كالوجود الفاسد في الدرجة والمرتبة، وقوله * (صاحبكم) * فيه وجهان الأول: سيدكم والآخر: مصاحبكم، يقال صاحب البيت ورب البيت، ويحتمل أن يكون المراد من قوله * (ما ضل) * أي ما جن، فإن المجنون ضال، وعلى هذا فهو كقوله تعالى: * (ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك لأجرا غير ممنون) * (القلم: 1، 3) فيكون إشارة إلى أنه ما غوى، بل هو رشيد مرشد دال على الله بإرشاد آخر، كما قال تعالى: * (قل ما أسألكم عليه من أجر) * (الشعراء: 109) وقال: * (إن أجري إلا على الله) * (يونس: 72) وقوله تعالى: * (وإنك لعلى خلق عظيم) * (القلم: 4) إشارة إلى قوله ههنا * (وما ينطق عن الهوى) * فإن هذا خلق عظيم، ولنبين الترتيب فنقول: قال أولا * (ما ضل) * أي هو على الطريق * (وما غوى) * أي طريقه الذي هو عليه مستقيم * (وما ينطق عن الهوى) * أي هو راكب متنه آخذ سمت المقصود، وذلك لأن من يسلك طريقا ليصل إلى مقصده فربما يبقى بلا طريق، وربما يجد إليه طريقا بعيدا فيه متاعب ومهالك، وربما يجد طريقا واسعا آمنا، ولكنه يميل يمنة ويسرة فيبعد عنه المقصد، ويتأخر عليه الوصول، فإذا سلك الجادة وركب متنها كان أسرع وصولا، ويمكن أن يقال * (وما ينطق عن الهوى) * دليل على أنه ما ضل وما غوى، تقديره: كيف يضل أو يغوى وهو لا ينطق عن الهوى، وإنما يضل من يتبع الهوى، ويدل عليه قوله تعالى: * (ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله) * (ص: 26) فإن قيل ما ذكرت من الترتيب الأول على صيغة الماضي في قوله * (ما ضل) * وصيغة المستقبل في قوله * (وما ينطق) * في غاية الحسن، أي ما ضل حين اعتزلكم وما تعبدون في صغره * (وما غوى) * حين

نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 28  صفحه : 280
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست