responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 131
ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجرى الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون بسبب الشرك ذكر ظهور الصلاح ولم يذكر أنه بسبب العمل الصالح، لما ذكرنا غير مرة أن الكريم لا يذكر لإحسانه عوضا، ويذكر لأضراره سببا لئلا يتوهم به الظلم فقال: * (يرسل الرياح مبشرات) * قيل بالمطر كما قال تعالى: * (بشرا بين يدي رحمته) * (الأعراف: 57) أي قبل المطر ويمكن أن يقال مبشرات بصلاح الأهوية والأحوال، فإن الرياح لو لم تهب لظهر الوباء والفساد.
ثم قال تعالى: * (وليذيقكم من رحمته) * عطف على ما ذكرنا، أي ليبشركم بصلاح الهواء وصحة الأبدان * (وليذيقكم من رحمته) * بالمطر، وقد ذكرنا أن الإذاقة تقال في القليل، ولما كان أمر الدنيا قليلا وراحتها نزر قال: * (وليذيقكم) *، وأما في الآخرة فيرزقهم ويوسع عليهم ويديم لهم * (ولتجري الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشركون) * لما أسند الفعل إلى الفلك عقبه بقوله: * (بأمره) * أي الفعل ظاهرا عليه ولكنه بأمر الله، ولذلك لما قال: * (ولتبتغوا) * مسندا إلى العباد ذكر بعده * (من فضله) * أي لا استقلال لشيء بشيء وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: في الترتيب فنقول في الرياح فوائد، منها إصلاح الهواء، ومنها إثارة السحاب، ومنها جريان الفلك بها فقال: * (مبشرات) * بإصلاح الهواء فإن إصلاح الهواء يوجد من نفس الهبوب ثم الأمطار بعده، ثم جريان الفلك فإنه موقوف على اختبار من الآدمي بإصلاح السفن وإلقائها على البحر ثم ابتغاء الفضل بركوبها.
المسألة الثانية: قال في قوله تعالى: * (ظهر الفساد... ليذيقهم بعض الذي عملوا) * (الروم: 41) وقال ههنا * (وليذيقكم من رحمته) * فخاطب ههنا تشريفا * (وإن رحمته قريب من المحسنين) * فالمحسن قريب فيخاطب والمسئ بعيد فلم يخاطبهم، وأيضا قال هناك بعض الذي علموا وقال ههنا * (من رحمته) * فأضاف ما أصابهم إلى أنفسهم وأضاف ما أصاب المؤمن إلى رحمته وفيه معنيان: أحدهما: ما ذكرنا أن الكريم لا يذكر لإحسانه ورحمته عوضا، وإن وجد فلا يقول أعطيتك لأنك فعلت كذا بل يقول هذا لك مني. وأما ما فعلت من الحسنة فجزاؤه بعد عندي وثانيهما: أن ما يكون بسبب فعل العبد قليل، فلو قال أرسلت الرياح بسبب فعلكم لا يكون بشارة عظيمة، وأما إذا قال * (من رحمته) * كان غاية البشارة، ومعنى ثالث وهو أنه لو قال بما فعلتم لكان ذلك موهما لنقصان ثوابهم في الآخرة، وأما في حق الكفار فإذا قال بما فعلتم ينبئ عن نقصان عقابهم وهو كذلك.
المسألة الثالثة: قال هناك * (لعلهم يرجعون) * وقال ههنا * (ولعلكم تشكرون) * قالوا وإشارة إلى أن توفيقهم للشكر من النعم فعطف على النعم.
المسألة الرابعة: إنما أخر هذه الآية لأن في الآيات التي قد سبق ذكرها قلنا إنه ذكر من كل باب آيتين فذكر من المنذرات * (يريكم البرق) * والحادث في الجو في أكثر الأمر نار وريح فذكر الرياح ههنا تذكيرا وتقريرا للدلائل، ولما كانت الريح فيها فائدة غير المطر وليس في البرق فائدة إن لم يكن مطر ذكر هناك خوفا وطمعا، أي قد يكون وقد لا يكون وذكر ههنا * (مبشرات) *


نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 131
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست