responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 23  صفحه : 63
تعالى الإبل والبقر مع قوتهما حتى يذللهما الضعيف من الناس ويتمكن منهما لما كان ذلك نعمة.
الدلالة الرابعة: قوله تعالى: * (والفلك تجري في البحر بأمره) * والأقرب أن المراد وسخر لكم الفلك لتجري في البحر، وكيفية تسخيره الفلك هو من حيث سخر الماء والرياح لجريها، فلولا صفتهما على ما هما عليه لما جرت بل كانت تغوص أو تقف أو تعطب. فنبه تعالى على نعمه بذلك، وبأن خلق ما تعمل منه السفن، وبأن بين كيف تعمل، وإنما قال بأمره لأنه سبحانه لما كان المجرى لها بالرياح نسب ذلك إلى أمره توسعا، لأن ذلك يفيد تعظيمه بأكثر مما يفيد لو أضافه إلى فعل بناء على عادة الملوك في مثل هذه اللفظة.
الدلالة الخامسة: قوله تعالى: * (ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرؤوف رحيم) * واعلم أن النعم المتقدمة لا تكمل إلا بهذه لأن السماء مسكن الملائكة فوجب أن يكون صلبا. ووجب أن يكون ثقيلا، وما كان كذلك فلا بد من الهوى لولا مانع يمنع منه، وهذه الحجة مبنية على ظاهر الأوهام، وقوله تعالى: * (أن تقع) * قال الكوفيون: كي لا تقع، وقال البصريون كراهية أن تقع، وهذا بناء على مسألة كلامية وهي أن الإرادات والكراهات هل تتعلق بالعدم؟ فمن منع من ذلك صار إلى التأويل الأول، والمعنى أنه أمسكها لكي لا تقع فتبطل النعم التي أنعم بها.
أما قوله تعالى: * (إن الله بالناس لرؤوف رحيم) * فالمعنى أن المنعم بهذه النعم الجامعة لمنافع الدنيا والدين قد بلغ الغاية في الإحسان والإنعام، فهو إذن رؤوف رحيم.
الدلالة السادسة: قوله: * (وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم إن الإنسان لكفور) * والمعنى أن من سخر له هذه الأمور، وأنعم عليه بها فهو الذي أحياه فنبه بالإحياء الأول على إنعام الدنيا علينا بكل ما تقدم. ونبه بالإماتة والإحياء الثاني على نعم الدين علينا، فإنه سبحانه وتعالى خلق الدنيا بسائر أحوالها للآخرة وإلا لم يكن للنعم على هذا الوجه معنى. يبين ذلك أنه لولا أمر الآخرة لم يكن للزراعات وتكلفها ولا لركوب الحيوانات وذبحها إلى غير ذلك معنى، بل كان تعالى يخلقه ابتداء من غير تكلف الزرع والسقي، وإنما أجرى الله العادة بذلك ليعتبر به في باب الدين ولما فصل تعالى هذه النعم قال: * (إن الإنسان لكفور) * وهذا كما قد يعدد المرء نعمه على ولده، ثم يقول إن الولد لكفور لنعم الوالد زجرا له عن الكفران وبعثا له على الشكر، فلذلك أورد تعالى ذلك في الكفار، فبين أنهم دفعوا هذه النعم وكفروا بها وجهلوا خالقها مع وضوح أمرها ونظيره قوله تعالى: * (وقليل من عبادي الشكور) * (سبأ: 13) وقال ابن عباس رضي الله عنهما الإنسان ههنا هو الكافر، وقال أيضا هو الأسود بن عبد الأسد وأبو جهل والعاص وأبي بن خلف، والأولى تعميمه في كل المنكرين.


نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 23  صفحه : 63
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست