responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 23  صفحه : 57
اليل وأن الله سميع بصير * ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلى الكبير) *.
اعلم أنه تعالى لما ذكر أن الملك له يوم القيامة وأنه يحكم بينهم ويدخل المؤمنين الجنات أتبعه بذكر وعده الكريم للمهاجرين، وأفردهم بالذكر تفخيما لشأنهم فقال عز من قائل * (والذين هاجروا) * واختلفوا فيمن أريد بذلك، فقال بعضهم من هاجر إلى المدينة طالبا لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم وتقربا إلى الله تعالى، وقال آخرون بل المراد من جاهد فخرج مع الرسول صلى الله عليه وسلم أو في سراياه لنصرة الدين ولذلك ذكر القتل بعده، ومنهم من حمله على الأمرين. واختلفوا من وجه آخر فقال قوم المراد قوم مخصوصون، روى مجاهد أنها نزلت في طوائف خرجوا من مكة إلى المدينة للهجرة فتبعهم المشركون فقاتلوهم، وظاهر الكلام للعموم. ثم إنه سبحانه وتعالى وصفهم برزقهم ومسكنهم، أما الرزق فقوله تعالى: * (ليرزقنهم الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: لا شبهة في أن الرزق الحسن هو نعيم الجنة، وقال الأصم إنه العلم والفهم كقول شعيب عليه السلام * (ورزقني منه رزقا حسنا) * (هود: 88) فهذا في الدنيا وفي الآخرة الجنة، وقال الكلبي رزقا حسنا حلالا وهو الغنيمة وهذان الوجهان ضعيفان، لأنه تعالى جعله جزاء على هجرتهم في سبيل الله بعد القتل والموت وبعدهما لا يكون إلا نعيم الجنة.
المسألة الثانية: لا بد من شرط اجتناب الكبائر في كل وعد في القرآن لأن هذا المهاجر لو ارتكب كبيرة لكان حكمه في المشيئة على قولنا، ولخرج عن أن يكون أهلا للجنة قطعا على قول المعتزلة. فإن قيل فما فضله على سائر المؤمنين في الوعد إن كان كما قلتم؟ قلنا فضلهم يظهر لأن ثوابهم أعظم وقد قال تعالى: * (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل) * (الحديد: 10) فمعلوم أن من هاجر مع الرسول صلى الله عليه وسلم وفارق دياره وأهله لتقويته ونصرة دينه مع شدة قوة الكفار وطهور صولتهم صار فعله كالسبب لقوة الدين، وعلى هذا الوجه عظم محل الأنصار حتى صار ذكرهم والثناء عليهم تاليا لذكر المهاجرين لما آووه ونصروه.
المسألة الثالثة: اختلفوا في معنى قوله: * (وإن الله لهو خير الرازقين) * مع العلم بأن كل الرزق من عنده على وجوه: أحدها: التفاوت إنما كان بسبب أنه سبحانه مختص بأن يرزق ما لا يقدر عليه غيره وثانيها: أن يكون المراد أنه الأصل في الرزق، وغيره إنما يرزق بما تقدم من الرزق من جهة الله تعالى وثالثها: أن غيره ينقل الرزق من يده إلى يد غيره لا أنه يفعل

نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 23  صفحه : 57
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست