اعلم أن الله تعالى
ابتدأ بتحريم ما نكح الاباء في سورة النساء بقوله تعالى
« ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم
من النساء » ثم فصل المحرمات.
ومعنى الآية الأولى
قيل فيه قولان :
أحدهما ـ قال ابن
عباس : انه حرم عليهم ما كان أهل الجاهلية يفعلونه
من نكاح امرأة الأب إذا لم تكن الام.
الثاني ـ أن يكون
« ما نكح »
بمنزلة المصدر ، والتقرير
ولا تنكحوا نكاح
آبائكم ، فعلى هذا يدخل فيه النهي عن حلائل الاباء وكل نكاح لهم فاسد في
الجاهلية. وهو اختيار الطبري ، وقال : ان هذا الوجه أجود ، لأنه لو أراد
حلائل الاباء لقال لا تنكحوا ما نكح آباؤكم.
وهذا ليس بطعن ،
لأنه ذهب به مذهب الجنس ، كما يقول القائل «
لا تأخذ
ما أخذ أبوك من الإماء » فيذهب مذهب الجنس ، ثم يفسره بمن.
وقوله «
الا ما قد سلف
» يعني بإلا لكن ، وكذا استثناء منقطع كقولهم
« لاتبع متاعي الا ما بعت
» أي لكن ما بعت فلا جناح عليك فيه. وقيل في معناه
قولان :
أحدهما ـ الا ما
قد سلف فإنكم لا تؤاخذون به ، وإن كان منه ولد فليس
الولد بولد زنا. وقال قطرب : معناه لكن ما سلف فاجتنبوه ودعوه انه فاحشة.
الثاني ـ حكاه بعض
المفسرين الا ما قد سلف فدعوه فهو جائز لكم. وهذا
لا يجوز بالاجماع.
والهاء في قوله
تعالى « انه كان فاحشة »
يحتمل أن تكون عائدة إلى
النكاح
بعد النهي ، ويحتمل أن تكون عائدة إلى النكاح الذي عليه أهل الجاهلية. قيل