وعن عطا في
قوله ( فول وجهك شطر المسجد
الحرام ) الحرم كله مسجد.
وهذا مثل قول
أصحابنا : ان الحرم قبلة من كان نائيا عن الحرم من الآفاق.
واختلف الناس
في صلاة النبي عليهالسلام إلى بيت المقدس [١] : [ فقال قوم
كان يصلي بمكة إلى الكعبة فلما صار بالمدينة أمر بالتوجه إلى بيت المقدس ] [٢] سبعة
عشر شهرا ثم أعيد إلى الكعبة. [ وقال قوم كان يصلى بمكة إلى البيت المقدس
الا أنه كان يجعل الكعبة بينه وبينه ، ثم أمره الله بالتوجه إلى الكعبة ] [٣].
فان قيل : كيف
قال ( ولئن أتيت الذين
أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا
قبلتك )[٤] وقد آمن منهم خلق كثير؟
قلنا : عن ذلك
جوابان : أحدهما قال الحسن ان المعنى ان جميعهم لا يؤمن ،
والثاني انه مخصوص بمن كان معاندا من أهل الكتاب دون جميعهم الذين وصفهم
الله تعالى ( يعرفونه كما يعرفون
أبناءهم )[٥].
وقوله ( ولئن اتبعت أهواءهم ) معناه الدلالة على فساد مذاهبم وتبكيتهم بها.
وقوله ( وما أنت بتابع قبلتهم ) أي ليس يمكنك استصلاحهم باتباع قبلتهم
لاختلاف وجهتهم ، لان النصارى يتوجهون إلى المشرق واليهود إلى المغرب ،
فبين الله أن ارضاء الفريقين محال.
وقيل : انه لما
كان النسخ مجوزا قبل نزول هذه الآية في القبلة أنزل الله الآية
ليرتفع ذلك التجويز ، وكذلك ينحسم طمع أهل الكتاب من اليهود ، إذ كانوا
طمعوا في ذلك وظنوا أنه يرجع النبي إلى الصلاة إلى بيت المقدس.
وقوله ( وما بعضهم بتابع قبلة بعض ) أي لا يصير النصارى كلهم يهودا ولا