لما فيه من وجه القبح ، ويقتضيه الاقرار ، وهو اظهار تقبل الشئ من حيث هو
صواب وحكمة وحسن.
ولا خلاف أن
الامر بالمعروف والنهى عن المنكر واجبان على ما ذكرناه.
واختلف
المتكلمون أيضا في وجوبهما : فقيل إنه من فروض الكفايات ، وقال آخرون
هو من فروض الأعيان ، وهو الصحيح. وقال بعض أصحابنا انهما ربما يجبان على
التعيين وربما يجبان على الكفاية.
(
فصل )
ويدل على
وجوبهما زائدا على ما ذكرناه قوله تعالى ( الذين ان مكناهم في الأرض
أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر )[١]. وذلك لان ما رغب
الله فيه فقد أراده ، وكل ما أراده من العبد شرعا فهو واجب ، الا أن يقوم دليل على
أنه نفل ، ولان الاحتياط يقتضى ذلك.
و ( المعروف ) الحق ، وسمي به لأنه يعرف صحته. وسمي ( المنكر )
منكرا لأنه لا يمكن معرفة صحته بل ينكر.
والناس اختلفوا
في ذلك : فقال قوم ان طريق انكار المنكر العقل ، لأنه كما
يجب كراهته وجب المنع منه إذا لم يمكن قيام الدلالة على الكراهية ، والا كان
تاركه بمنزلة الراضي به. وقال آخرون ـ وهو الصحيح عندنا ـ ان طريق وجوبه
السمع ، وأجمعت الأمة على ذلك.
ويكفى المكلف
الدلالة على كراهيته من جهة الخبر وما جرى مجراه.
فان قيل : هل
يجب في انكار المنكر حمل السلاح.
قلنا : نعم إذا
احتيج إليه بحسب الامكان ، لأنه تعالى قد أمر به ، فإذا لم