أخبر ان من ولى
دبره على غير وجه التحرف للقتال والتحيز إلى الفئة انه
رجع بسخطه تعالى ، وتقديره الا رجلا متحرفا يتحرف ليقاتل أو يكون منفردا فينحاز
ليكون مع المقاتلة ، ولا يجوز ان يفر واحد من واحد ولا من اثنين ، فان فر منهما
كان مأثوما ، ومن فر من أكثر من اثنين لم يكن عليه شئ.
واما قوله
تعالى ( ما كان لأهل المدينة
ومن حولهم من الاعراب ان يتخلفوا
عن رسول الله )[١] فان الله لما قص في هذه السورة قصة الذين تأخروا عن
رسول الله
عليهالسلام والخروج معه إلى تبوك ، ذكر عقيب ذلك أن ليس لهم ان
يتأخروا
عن رسول الله ، وهذه فريضة ألزمها الله إياها.
قال قتادة :
حكم هذه الآية مختص بالنبي عليهالسلام ، كان إذا غزا لم يكن لاحد
ان يتأخر عنه ، فأما من بعده من الخلفاء فذلك جائز. وقال الأوزاعي وابن المبارك
وجماعة : ان هذه الآية لأول الأمة وآخرها من المجاهدين في سبيل الله. وقال ابن
زيد : هذا حين كان المسلمون قليلون ، فلما كثر نسخ بقوله
تعالى ( وما كان المؤمنون
لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين )[٢]. وهذا هو الأقوى.
لأنه لا خلاف
أن الجهاد فرض على الكفاية ، فلو لزم كل أحد النفر لصار من فروض
الأعيان ، أما من استنهضه الامام فيجب عليه النهوض ولا يجوز له التأخر.
(
فصل )
وقد أدب الله
بتأديب الحرب وعلم بها ، فقال ( يا أيها الذين آمنوا
إذا لقيتم
فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون * وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا
فتفشلوا )[٣].