وقوله
تعالى ( يسألونك عن الشهر
الحرام قتال فيه ) كان بعث رسول الله عبد
الله بن جحش على سرية في جمادى الآخرة قبل قتال بدر بشهرين ، ليترصد عيرا
لقريش فيها عمرو بن عبد الله الحضرمي وثلاثة معه ، فقتلوه واستأسروا اثنين
واستاقوا
العير وفيها من تجارة الطائف ، وكان ذلك أول يوم من رجب وهم يظنونه من جمادى
الآخرة ، فقالت قريش قد استحل محمد الشهر الحرام ، وعظم ذلك على أصحاب
السرية وقالوا ما نبرح حتى تنزل توبتنا ، وظن قوم منهم أنهم ان سلموا من الاثم
فليس لهم أجر ، فأنزل الله فيهم ( ان الدين آمنوا
والذين هاجروا وجاهدوا في
سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم )[١] وسبيل الله قتال العدو [٢]. ويقال
( جاهدت العدو ) إذا حملت نفسك على المشقة في قتاله.
وقال قتادة :
القتال في الشهر الحرام منسوخ بقوله ( وقاتلوهم حتى لا تكون
فتنة )[٣] وبقوله ( فاقتلوا المشركين )[٤]. وقال عطاء هو باق على التحريم.
وروى أصحابنا
أنه باق على التحريم فيمن يرى لهذه الأشهر حرمة ، وأما
من لا يرى لها حرمة فإنه يجوز قتاله أي وقت كان ، أما في الحرم فلا يبتدأ بقتال
أحد من الكفار كائنا من كان.
والمعنى يسألك
الكفار والمؤمنون عن القتال في الشهر الحرام ، قل قتال
فيه اثم كبير ، وما فعل قريش من صدهم عن سبيل الله وعن المسجد الحرام وكفرهم